توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العاميتان والشاعران

  مصر اليوم -

العاميتان والشاعران

بقلم: سمير عطا الله

منح اتحاد كتّاب مصر جائزة الشعر العامي مناصفةً بين المصري مجدي نجيب واللبناني طلال حيدر «وفاءً لمنجزهما الباذخ». مع الاعتذار، أعرف القليل عن مجدي نجيب. أما طلال حيدر فقد رفع الشعر المحكي في لبنان إلى مرتبة أعلى بكثير من العاميات واللغة المحلية. وكما قال أحمد شوقي إن بيرم التونسي يشكّل خطراً على الفصحى، فإن طلال حيدر واحد من كوكبة صغيرة، جعلوا العامية في مصافّ الفصحى. هذه الكوكبة لم يعد معها الشعر العامي «زجلاً» ولم يعد شعراؤه «قوّالين» من نوع «التروبادور» الجوال الذي كان يجول القرى والمدن في بريطانيا وفرنسا، يثير مشاعر الحاضرين، ويتلاعب بها، حزناً أو فرحاً أو مرحاً.
الشعر الذي كتبه «الأخوان رحباني» وميشال طراد وطلال حيدر، ما عاد «عامياً». أصبح صيغة غير خاضعة لمقاييس الفصحى، لكنها أيضاً بعيدة عن الإيقاع العامي المباشر والخالي من لطائف اللغة. وظل شعر هذه الكوكبة معبّراً بالدرجة عن الحب والهوى والنجاوى، لكنَّه طاف أيضاً بمعاني الحياة وشجونها وصورها. وحلّق به طلال حيدر تحليقاً. وأصبح شعره مفترقاً يقف عنده البادئون: هل أنت قادر على كتابة العامية بلغة طلال حيدر؟
المشكلة أن طلال حيدر كان مُقلاً مثل صاغة الذهب الخالص. غنّت فيروز بعض أجمل ما أتحف: «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان- وحدن بيقطفوا وراق الزمان». أيضاً ارتفع طلال حيدر بالشعر الوطني من المباشرة إلى الأسلوب العالي والصورة البديعة. وكذلك في الشعر السياسي، فمنعه من الخطابية والخشبية والابتذال.
كتبت دائماً، في نوع من التشديد الرمزي أو الرومانسي، أن الشعر العامي حق مصر وحدها، بسبب عبقرية اللغة المصرية وموسيقاها. وكان في ذلك ظلم غير مقصود للعامية اللبنانية كما أصبحت بريشة طلال حيدر وجوزف حرب والرحبانيين. وكما قُيّض للعامية المصرية من ينشرها في الأمكنة، مثل أم كلثوم، قُيض للعامية اللبنانية فيروز. وقد ظن بعض كبار شعراء الفصحى وعتاة اللغة أن العامية امتحان سهل ينزلون إليه من بروجهم، فيا للصدمة الكبرى.
اخفق سعيد عقل كثيراً حين حاول الغناء فوق الحلبة العامية. واكتفى «الأخطل الصغير» بقصيدة «يا ورد مين يشتريك- وللحبيب يهديك» بناءً على طلب محمد عبد الوهاب، الذي غنّى له الكثير من شعره الفصيح. وكان أخطل لبنان على حكمة حين فعل.
تحمل جائزة هذا العام اسم الشاعر الراحل اللبناني الأصل فؤاد حداد. وكانت له شعبية كبيرة في مصر، خصوصاً بين النخبة، لكنه ظل شبه مغمور بين كبار الشعراء طبقة بديع خيري مثلاً. وربما كان يشعر في داخله بعقدة ذنب لأنه لم يكتب بالفصحى، فقال في إحدى قصائده: لغة العرب في قلبي تضوي ضي- لغة العرب هي اللي بتزوّد- في كل ليلة عندنا القنديلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العاميتان والشاعران العاميتان والشاعران



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon