توقيت القاهرة المحلي 21:08:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جزر صغيرة وبشر كثير

  مصر اليوم -

جزر صغيرة وبشر كثير

بقلم :سمير عطا الله

اسمحوا لي أن أضيف بضعة أسطر إلى الزاوية التي كان عنوانها «سور أبيض في وجه سور الصين». أي أستراليا، التي كانت قبل اندفاع الصين إلى مراتب الدول الأولى، مجرد «بلاد فلاحية» خارج حركة العالم الحقيقية، ولو أنها جزيرة في حجم قارة. الحقيقة أن أستراليا - والأستراليين - كانت تشكل إساءة مضحكة إلى أجدادها الإنجليز، وتسيء إلى لغة شكسبير بلهجة قروية فجة. تماماً مثلما تسيء مقاطعة كيبك في كندا إلى أجدادها الفرنسيين. ولا أدري أيهما أسوأ، لكنْ كلاهما فظاعة.
فقط للتذكير، بدأت هذه البلاد الواقعة أسفل الكرة الأرضية عندما أراد البريطانيون إرسال المحكومين إلى مكان لا عودة منه. أرض شاسعة أكثرها صحارٍ حارة لا تطاق، ولكن فيها أيضاً ثلوج وجليد لا يحتمل، على مساحة 7.5 مليون كيلومتر مربع، لكن 70 في المائة من هذه المساحة الهائلة غير قابلة للسكن. قبل مائة عام قال أستاذ الجغرافيا في جامعة سيدني، إن عدد سكان البلاد خلال قرن لن يزيد على 20 مليوناً. وقامت الدنيا عليه. كان على حق. وسكانها اليوم 26 مليوناً. وتقطع الطائرة مسافة 3.200 كيلومتر بين مدينتين رئيسيتين، من دون أن تحلق فوق بلدة مأهولة. قارة، لكنها جرداء.
اضطهاد الرجل الأبيض للسكان الأصليين تجاوز القسوة التي عرفت في الولايات المتحدة أو أفريقيا. ألم نَقُل أنهم كانوا جميعاً من المجرمين المبعدين؟ وفي عام 1856 كتب صحافي «أبيض»: «في أقل من 20 عاماً نكاد نبيدهم عن وجه الأرض. قتلناهم كالكلاب. حاصرنا قبائل بأكملها حتى الموت. زرعنا فيهم الأمراض والأوبئة. عذبنا أطفالهم منذ الولادة. حولناهم إلى منبوذين في أرضهم، وسوف نستكمل إبادتهم قريباً». يبلغ تعدادهم اليوم نحو 800 ألف نسمة، ويعيشون في مناطق خاصة بهم، بعدما كانوا في الماضي نحو مائة ألف.
أثارت أستراليا الاهتمام عندما ألغت صفقة غواصات نووية مع فرنسا قيمتها 60 مليار دولار. البحار هي الخطر الأكبر. أما البر الداخلي فأي جيوش ستصل إليه بعد قطع أربعة آلاف كيلومتر من أي صوب كان؟
تخشى أميركا تطور العلاقات الأسترالية الصينية، لأن الصين هي أكبر شريك تجاري للقارة القريبة. كل سنة يصل إليها 4.1 مليون سائح صيني، كذلك يأتي إليها الطلاب الصينيون بالآلاف. وقبل سنوات سألت صحافياً أسترالياً عن الوضع الاقتصادي في بلاده، فقال: راقب البورصة الصينية. فكلما هي بخير نحن في خير.
شاركت أستراليا في حروب أميركية كثيرة، بينها حرب العراق، لأنها تستظل المظلة النووية الأميركية. وفي أي نزاع محتمل مع الصين، ليس لديها سوى هذه الحماية. وفيما يركز العالم اهتمامه على صراع الشرق الأوسط والقرم وأوكرانيا، تشعل الصين مخاوف أهل دائرتها الكبرى. وقد بدأت منذ سنوات توسيع مساحتها السيادية ببناء جزر صغيرة هي عبارة عن كمية من الصخور التي بنت فوقها طرقات ومراكز حكومية أخرى.
الصين تغير وجه العالم في كل مكان. غداً ستخرج روسيا من سباق التسلح، لأن وضعها الاقتصادي لن يسمح لها بذلك. وسوف تحل محلها الصين. وإذا بحثت عنها سوف تجدها في كل مكان: صحاري أستراليا. غابات أفريقيا، القطب الشمالي. الجنوبي. السوق الشعبية في أسيوط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزر صغيرة وبشر كثير جزر صغيرة وبشر كثير



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon