بقلم: سمير عطا الله
قال الرئيس جو بايدن بعد فوزه إن التعيينات في إدارته يجب أن تعكس الواقع السكاني للبلاد. وبالفعل بدأ اللون الرسمي يتحول من الأبيض إلى اللون الأسمر بسائر تلاوينه وأعراقه: نائبة رئيس من أصول هندية وأفريقية، ووزير دفاع أسود للمرة الأولى في التاريخ. نحن نتذكر أنه حتى حرب فيتنام، كان الجنود الأميركيون يقاتلون على جبهة واحدة وينامون في مهاجع منفصلة، والعسكري الأبيض ينادي رفيقه «الزنجي».
ما هي الخريطة السكانية في أميركا حالياً؟
60.1 في المائة بيض.
18.5 في المائة هسبانيون (أميركا اللاتينية).
13.4 في المائة أفارقة.
6.1 في المائة آسيويون أو من جزر المحيط الهادي.
فما هي إذن نسبة السكان الأصليين؟ 1.3 في المائة.
يحقق بايدن ما لم يستطع رئيسه باراك أوباما أن يفعله خشية أن يتهم بالتعصب. لكن عندما عبر أوباما البرزخ إلى البيت الأبيض، انتهى الاحتكار الأوروبي في أميركا إلى الأبد. لكن هذا لا يعني أن الانصهار الاجتماعي قد تم هو أيضاً. تأمل أعمال العنف والاضطرابات التي جرت منذ مقتل جورج فلويد في كثير من المدن: ليست أميركا جنة التعدد. لكنها أيضاً أهم مجتمع تعددي في التاريخ. حتى روما الإمبراطورية، على اتساعها، لم تعرف شيئاً من هذا التنوع البشري الذي يضم جميع الأجناس.
لكن ألوان الإدارة الجديدة لن تنعكس على سياسة بايدن أيضاً. ومن البديهيات أن القضايا الاستراتيجية تبقى نفسها. وأول من خرق هذا التقليد كان دونالد ترمب، سواء في نقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو في إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، بدون التشاور مع الحلفاء. تنتقل القضايا من مكتب رئيس إلى آخر. بعضها يظل على الطاولة عشرات السنين، مثل قضية الشرق الأوسط، وبعضها يسحب نفسه بنفسه مثل الاتحاد السوفياتي، لكن في كل حقبة هناك قوة كبرى تظهر متحدية استمرار التفوق الأميركي.
ما من أحد يمكن أن يتصور إلى أين سوف يصل التحدي الصيني. تخيّل ثاني اقتصاد رأسمالي في العالم، يوظف عنده الملايين من أعضاء الحزب الشيوعي، تحتفل بكين بعيد العمال ويكون في طليعة الحضور صاحب شركة علي بابا، الرفيق جاك ما، الذي تبلغ قيمة شركته 175 مليار دولار. هذا هو البلد الذي كان قبل أربعين عاماً يرتدي رجاله ونساؤه وأطفاله ثوباً واحداً على شبه التشرمان ماو. وإذا ما ظلت اليابان تحتل المركز الاقتصادي الثالث، كما فعلت منذ الحرب، فمستقبل العالم آسيوي، ولو بعد حين.