توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجوه من رمضان عمامة اللغة

  مصر اليوم -

وجوه من رمضان عمامة اللغة

بقلم - سمير عطا الله

كان الشيخ عبد الله العلايلي يقرأ ويكتب، ينهل، ويبحث، يغرف ويعرف، ويجمع ويروي، وهو مقتعدٌ أرض غرفته، ومن حوله الكتب والأوراق والمحابر، كمن يعيش ويعمل في القرن العاشر. لكن ذلك العلاّمة النادر كان يتقدّم رؤى القرن العشرين الذي عاش فيه، ينمو ويكبر مع نمو بيروت، التي عاد إليها طالباً متميزاً من الأزهر وخطيباً من أسياد الفكر والبلاغة، ولغوياً مرجعياً يخجل كبار النحويين من المثول في حضرته.
كان الأقدمون يصفون المتضلّعين «بأن اللغة طوع بنانهم». وكان الشيخ عبد الله إذا وضع العمامة تتراقص من حوله أطيار اللغة. وتبسط من أمامه العقد والقواعد. وكان يقول: «اللغة أحد وجهي الفكر، فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة، فلن يكون لنا فكر تام صحيح». ودعا الشيخ المعمم والأزهري الراسخ، إلى تحرير الأدب والشعر والبيان من الأوتاد. ونظم هو نفسه الشعر العاطفي. وكتب في جميع الأحداث والتحولات، منطلقاً على الدوام من الإيمان والإنسان، رافضاً المناخ الطائفي القائم من حوله. وكان الشائع يومها أن يوسم كل مجددٍ بالشيوعية فسمي العلايلي «الشيخ الأحمر». وعزز شبهات الجاهلين قول المستشرق السوفياتي سمير نونوف: «يأتي اسم الشيخ عبد الله العلايلي في طليعة العلماء العرب المعاصرين الذين يستند إلى أبحاثهم ومؤلفاتهم الباحثون السوفيات في حقل الاستعراب».
كتب العلايلي في النقد والشعر والفقه والسياسة. ورأى فيه القوميون العرب سنداً إسلامياً لاتجاهاتهم الوطنية. ورأى في العروبة ومكوناتها حاضناً تلقائياً لجميع الأنسام في بلاد العرب.
وكان يرى في العروبة ملاذاً للبنان يشفي اللبنانيين من العقد المعطلة للأوطان والمفتتة للسيادة والاستقلال.
وكما نظر للقومية العربية كان من علماء المسلمين في زمنه الذين تقبلوا الفكرة اللبنانية وأضاء على مفاهيمه. وبسبب ذلك تحلّق من حوله دعاة «اللبنانية»، وفي طليعتهم سعيد عقل، الذي قال في رثائه (1914 – 1996) ما لم يقله في أحد، راثياً فيه ولياً من الأولياء.
تراجعت اللغة العربية والمعاجم في لبنان بعد العلاّمة الشيخ، وفي زمنه كان أعلامها كثيرين وأربابها جبابرة مثله تقريباً. ولم يعد ثمة وجود كبير لتلك الأسماء والأعلام. وبهت الاهتمام باللغة والتكرس لها. وكان وجود رجل مثل العلايلي الكوكب المحرك لدائرة العربية، لكنه مضى من دون أن ينجز «المجمع العربي الكبير» ولم ينجزه من بعده أحد.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجوه من رمضان عمامة اللغة وجوه من رمضان عمامة اللغة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon