توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«عصفورة» من الشرق

  مصر اليوم -

«عصفورة» من الشرق

بقلم-سمير عطا الله

انشغل أدباء ونقّاد ومؤرخو القرن الماضي بما كتب من أعمالٍ تحت العنوان العام: الصدمة الثقافية. أي ما يواجهه الأديب، وبالتالي أي إنسان عادي أيضاً، لدى وصوله إلى عاصمة مختلفة في كل شيء، من اللغة إلى العادات إلى التقاليد إلى مستوى الحريات الشخصية.

واللافت أن الذين عانوا من «الصدمة» كانوا المتأخرين وليس الأولين. فإن رفاعة الطهطاوي أُعجب بعادات باريس وطرق الحياة فيها، ودعا إلى الأخذ بالكثير منها. غير أن ردة فعل اثنين من عمالقة المرحلة، طه حسين وتوفيق الحكيم، كانت مختلفة تماماً. فما اعتبره الحكيم «صدمة» في «عصفور من الشرق»، خلاصة لتجربة شخصية تماماً، وجد فيه طه حسين تحقيقاً لأمنية ورغبة، نتيجة لتجربة خاصة هو أيضاً. فقصة الحب عند الحكيم انتهت باستمرار الغربة وتفاقمها، بينما انتهت قصة حب الضرير إلى حياة زوجية من قصص الغرام والتضحية. وثمة تجربة ثالثة كانت أيضاً موضع الدراسات هي تجربة الدكتور سهيل إدريس مؤسس «الآداب»، الذي ذهب إلى باريس مفعماً بالدراسة الأزهرية وبالحياة التقليدية في بيروت السنية القديمة، ليجد نفسه أمام كتابات جان بول سارتر والدعوة الوجودية إلى الحريات.
لا أدري أين نضع تجربة المرأة العربية في الصدمة الثقافية. يتهيأ لي أن أبرز التجارب في هذا الحقل كانت تجربة الدكتورة رضوى عاشور في ذهابها إلى الدراسات العليا في بوسطن. وقد روت تفاصيل هذه التجربة في كتابٍ ممتعٍ عنوانه «الرحلة: أيام طالبة مصرية في أميركا». غير أننا هنا لسنا في ثلاثينات القرن الماضي بل في سبعيناته. وبالتالي فإن الخلاف الثقافي هنا لم يكن اجتماعياً بل سياسياً. فرضوى عاشور، المتزوجة من الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، لا تحمل فقط قضيتها كمصرية قومية الشعور، وإنما أيضاً كصاحبة قضية ذاتية.
تواجه الطالبة المصرية منذ اليوم الأول الاختلافات الإنسانية في الجامعة، ليس من خلال المنهج والدروس، وإنما من خلال العلاقات الخاصة بين الأساتذة والطلاب. فالمرحلة مرحلة تفور حتى ذلك الوقت بآثار الهزيمة 67 والعبور 73. وكانت أميركا منقسمة يومها، خصوصاً في الجامعات المسيسة، بين مؤيدٍ للعرب أو متحزب لإسرائيل. وهكذا وجدت نفسها وحيدة، تحنُّ منذ اليوم الأول إلى مصر، وتذهب أكثر من مرة في النهار إلى صندوق البريد ترجو وصول رسالة من مريد، أو من الأهل أو من الأصدقاء.
ينفتح المجتمع الأميركي وسيعاً وضيقاً أمام الطالبة المصرية، مليئاً بالخرافات مثل الشرق، وغارقاً في العلوم والتقدم والتكنولوجيا بعكس الشرق تماماً. وتجد عزاءها القومي بين السود الأميركيين الذين كانوا هم أيضاً يخوضون في ذلك الوقت تجربة تحررٍ شديدة العمق وعميقة الأسى واليأس. لكن ذلك كله يبقى غربة كبيرة إلى أن يصل مريد قادماً من مصر.

 

نقلا عن الشرق الاوسط 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عصفورة» من الشرق «عصفورة» من الشرق



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon