توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البداية تغريدة إلى الجميع

  مصر اليوم -

البداية تغريدة إلى الجميع

بقلم: سمير عطا الله

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء، زيارة رسمية للبنان احتفالاً بمرور مائة عام على اليوم الذي أعلنت فيه فرنسا دولة لبنان الكبير، قبل أن تمنحه الاستقلال عام 1943. سمي يومها الكبير، لأنه حل محل «جبل لبنان» التاريخي، وتم ربط الساحل بالجبل، وأقيمت دولة قابلة للحياة والاستمرار، لها ميناؤها الذي يصلها بالعالم، وسهل البقاع الذي يحميها من المجاعة التي ضربتها عام 1916، وقضت على نصف سكان لبنان مثل الطاعون.
يبدأ ماكرون هذه الزيارة الرمزية بزيارة لفيروز في منزلها العائلي. وكان قد ختم خطابه خلال زيارته الأولى بعد انفجار المرفأ، بأن ردد بالعربية عنوان أغنيتها «بحبك يا لبنان/ يا وطني بحبك».
لماذا بداية الزيارة من عند فيروز؟ لأنها الرمز الوحيد اليوم لوحدة لبنان. كل شيء آخر من رئاسات ومؤسسات وأحزاب، رموز لشرذمته وتفككه ووقوفه على حافة الزوال، كما قال وزير خارجية فرنسا. خلال مائة عام، لم يتفق اللبنانيون، إلا على فيروز. ومعها فقط التقوا حول الرموز المحيطة بوجود لبنان. هي من غنت لمكة، والشام، وهي من غنت للقدس، وهي من أنشدت في بداياتها للفلسطينيين، «سنرجع يوماً إلى حينا... سنرجع مهما يمر الزمان».
فيروز هي لبنان الذي كان، بعكس لبنان الذي عجز في أن يكون. حلقت فوق الطوائف والأحزاب والأحقاد والصغارات. غنت للجميع ورفضت أن تغني لأي فرد. ومثل زهرة بنفسج ظلت متوارية خلف تواضعها المسّور مثل جدار الصين. ومثل البنفسج أخفت أحزانها وأشجانها حتى انطبقت عليها رائعة صالح عبد الحي، التي لم تزحها رائعة أخرى: «ليه يا بنفسج بتبهج وانتَ زهر حزين».
لبنان ليس شيئاً آخر. هو تغريدة العرب ونقطة التقائهم بالحضارات الأخرى والتقائهم ببعضهم البعض. فرادته لم تكن في حجمه، وأهميته ليست في عدد سكانه، بل فيما يمثلون من تعددية وتنوع وحوارات. هذا هو الوجه الذي يزول الآن، لتحل محله دولة فاسدة على شفير الإفلاس والانهيار، وخطاب عنفي إلغائي وعاصمة مثخنة بجراح الجسم والروح، تخاف من انفجار آخر من الحجم والنوع الذي ينهي الوجود.
رسالة ماكرون من بدء زيارته بلقاء فيروز خطاب مقروء غير مكتوب للطبقة السياسية التي قضت على مناعة لبنان كدولة، وحولته من بلد مزدهر إلى بلد فقير، ومن طليعة العروبة والفكر العربي إلى مركز إيراني يبث أفكار طهران وهجمتها السياسية.
يأتي ماكرون إلى لبنان لكي يحاول إقناع سياسييه بالكف عن نهش بلدهم. فما بقي سوى العظام في أي حال. أو تكاد. وجاء يقول للأحزاب جميعاً: تنحوا قليلاً من أجل أن يعيش لبنان. وسوف يخاطب هذه الزمرة من اللامبالين بلغة رجل دولة، لا بلغة الضحالة السياسية والسطحيات التي فاضت بالمكان. ولن يصغوا ولن يسمعوا. وسوف ينال من الزيارة متعة اللقاء مع فيروز.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البداية تغريدة إلى الجميع البداية تغريدة إلى الجميع



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon