توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزمان 24 ساعة

  مصر اليوم -

الزمان 24 ساعة

بقلم: سمير عطا الله

في مكتبة كل منا قسم، أو جناح، للآثار العربية الكبرى، نعود إليها دائماً، في بحث أو متعة أو من باب الإفادة في الاستعادة. وهذه الآثار مهولة العدد. وما أقصد منها، فقط على سبيل المثال، مؤلفات الجاحظ، أو «لسان العرب»، أو «رحلة ابن بطوطة»، أو «وفيات الأعيان»... أو غيرها.
وكلما عدت إلى عمل من هذه الأعمال أتساءل، في ذهول: كم كان عدد ساعات اليوم في زمن أولئك السادة؟ هل يعقل أنها كانت 24 كما هي اليوم؟ كيف كانوا يقومون بأبحاثهم، أو كم كان يستغرقهم من الوقت مجرد النقل أو النسخ أو الجمع؟
في عصرنا هذا، أولاً الكهرباء متوفرة؛ أي إن نهار القراءة والكتابة يمكن أن يكون طويلاً. والمكتبات العامة على بعد مسافة قليلة منا. أضف إليها اليوم الكومبيوتر الذي بين يديك. وإذا كنت أستاذاً جامعياً فسوف يكون من السهل عليك الاستعانة في البحث بفريق من تلامذتك. فلنتخيل إذن أن ابن منظور محوط بكل هذه التسهيلات، فكم من الوقت يحتاج لإنهاء «لسان العرب»، أو هل من الممكن إنجازه؟
لا تحتاج اليوم إلى جميع ما جمع ابن منظور. لا يلزمك أن تعرف عشرين أو ثلاثين شيئاً عن كلمة «خصب»، وكيف يتغير معناها مع تغير كسرة أو فتحة أو ضمة. ولا من الضروري أن تحفظ ما أنشده زهير، وما قال الليث، ولا مفردات الكسائي. ولكنها أمامك إذا شئت، أبواباً وفصولاً وأسانيد وشرحاً وشعراً ونثراً وتفصيلاً.
كيف كان يعمل العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، في جمع تحفته الخالدة؟ كم كنت أتمنى لو كان في عصره إمام في مثل طاقته، يضع لنا مؤلفاً عن قصة وضع «لسان العرب».
إن هؤلاء السادة من علمائنا لسحرة حقاً. في مقاييس العلوم الحديثة لم يكونوا دائماً على صواب أو دقة. وعندما كان الجاحظ يحتار في حقيقة ما، في وصف «الحيوان» مثلاً، يسارع إلى التشديد على ضعف التأكيد. وتجاوزه القزويني بمسافات في تعداد وصف الحيوان في كتابه «عجائب المخلوقات» وهو من عجائب التأليف أيضاً.
لم يترك شيئاً هذا الرجل الذي ولي واسط والحلة، لم يكتب لنا عنه... الفلك، والطبيعة، والنبات، والبرق والرعد، والجبال والسحاب والضباب، والكواكب والمجرة التي تسميها العرب «أم النجوم» لاجتماع النجوم فيها.
وتحدث عن خسوف القمر، وقال إن سببه توسط الأرض بينه وبين الشمس فيقع في ظل الأرض. وقال إن أطول نهار في السنة يقع في 17 يونيو (حزيران)، فيكون شروق الشمس 15 ساعة، والليل 9 ساعات. وليعذرني كاتبنا العجيب، فهو لو عاش في زمن الروائي الروسي دوستويفسكي، وقرأ قصته «ليالٍ بيضاء» لعرف أن الشمس في بعض روسيا لا تغيب ثلاثة أيام بنهاراتها ولياليها. ولو عاش في زمننا لشاهد كيف يلتقي الليل بالنهار في الطريق من لندن إلى نيويورك. وهذا لا يقلل شيئاً من أهمية، أو متعة، «عجائب المخلوقات». والعجيبة الكبرى أين عثر القزويني على كل ذلك الوقت «ما دام الزمان 24 ساعة - لا تزيد ولا تنقص»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزمان 24 ساعة الزمان 24 ساعة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon