توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: لماذا تغني الطيور الطليقة؟

  مصر اليوم -

مفكرة القرية لماذا تغني الطيور الطليقة

بقلم: سمير عطا الله

يعيد أهل المدن اكتشاف متعة الحياة في الريف، بعدما فضحت «كورونا» حياة التلوث وهشاشة التزاحم. ارتفعت أسعار القرى، وعادت الأحلام بأن يكون لكل قادر «مزرعته» تنتج له خضرواته وفاكهته وما أمكن من نبات الأرض وثمار الشجر.
وقد أقمنا مذ أصبح لنا حديقة عقداً مع الطيور، المقيم منها والمهاجر. وغني عن التذكير أن الفريق الأول في العقد ونحن فريق ثانٍ يعمل عند الأول ويقبل شروطه. لقاء ذلك، يمنحنا الفريق الأول، من دون انقطاع، ألحاناً بديعة ويغني من دون ملل، ولا يذهب إلى النوم إلا متعباً. ولا نعرف ماذا يغني. ولا ماذا يكرر. لكنه مثل أم كلثوم، أو يكاد، فهو لا يكرر بل يعيد. فهي عندما تهتف «انت عمري» في المرة الأولى، تقدم للمرة الثانية والثالثة ومع الرابعة يكون عمرك قد امتلأ حياةً وشغفاً.
ويحدث هذا مع طيور الجنينة التي تتوزع أنواع وطبقات وإيقاعات التغريد. وجميعها مفرح، وبلا شكاوى. أم كلثوم و«عودت عيني على رؤياك». وقد تعودت طيور الله أن هذه دورها في الطبيعة أن تملأ الأرض شدواً فشدت بلا انقطاع. قال لوتشيانو بافاروتي، أهم صوت في زمننا، إنه قبل أن يصعد المسرح ليغني، يدرب حنجرته على الأداء.
ومن قال لك أن هذه العصافير لا تبدأ مع خيوط الفجر بالتدرب. تبدأ مثل عازفي العود، وتراً هنا وتراً هناك، إلى أن تدفأ الدنيا ويتسق ضوء النهار، ويتأكد البلبل أن الحضور قد اكتمل، فيأخذ في خلط نغماته وتسريعها وتصعيدها حتى يستحق اللقب الذي أعطته إياه العرب، بلبل. وقال فيه شوقي «يا ورد أحسن من ورد جنه».
من أجمل كتابات السيرة الذاتية مؤلف بعنوان: «إنني أعرف لماذا تغني الطيور حبيسة الأقفاص». ما أحزن مشهد الطير في قفص، وما أفرح مشهده يتنقل من غصن إلى غصن. متطلعاً حوله دائماً في خوف، لا يأمن أبداً للبشر. الحذر هو السلاح الوحيد الذي يملكه الضعفاء. لاحظ كيف تنتقل الهررة: نظرة إلى الأمام، نظرة إلى الوراء، نظرة إلى الأمام وتلفت دائماً من حولها.
ثم القطط بالحديقة عابرة، لا تنشئ صداقات. ولا حتى فيما بينها. أما الطيور فتقيم الصداقة عن بعد، ولا ترتاح إلا لعالمها. وتغني. وتقول الدراسات العلمية إن الكثير من الغناء منافسة بين الذكور على إعجاب الإناث. كلما أبدع، زادت حظوظه. ومن هذا المنقار العجيب يقدم أجمل الألحان، وإذ تتأمل هذا المشهد كل يوم وتصغي إلى الحوار، لا يخطر لك سوى المتنبي:
وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياق وَكَثيرٌ مِن رَدِهِ تَعليلُ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية لماذا تغني الطيور الطليقة مفكرة القرية لماذا تغني الطيور الطليقة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon