بقلم : سمير عطا الله
كل شيء في الصراع السوري «جديد». الصراعات الماضية كانت بالواسطة وفي الخفاء: لكل دولة فريق يمثلها في القتال فيما هي تصدر بيانات الاستنكار والحرص «على السيادة والوحدة وسلامة الأراضي». خلال حرب لبنان كان هذا التصريح يصدر يومياً عن جميع الأفرقاء، وبعد الانتهاء من تلاوته تنفتح نيران الجحيم.
في سوريا الأمر مختلف تماماً: صدق وصراحة وحبة مسك. روسيا بقواعدها وزيارات بوتين الشخصية والعابرة للبلدان مثل الصواريخ التي أطلقت من قزوين. وإيران والصور التذكارية للواء سليماني في الميدان، أو في الميادين جميعاً. وتركيا والصوت الهصور لمن لا يعجبه العجب الزعيم أبو الطيب. وأميركا التي تتحالف مع تركيا في مكان، ومع إيران في آخر، وضدهما في أمكنة أخرى. وفي الماضي كانت الطائرات التركية الأميركية الصنع هي التي تسقط السوخوي، والآن يسقطها صاروخ «ستينغر» ويطرحها على الأرض، صورة مذلة لمجد الصناعة الروسية.
دبابات إردوغان تحترق بمن فيها، وطائرات بوتين ملقاة على الأرض، ولكن الأكراد يخسرون، يلاحقهم قدر الشعوب التي لا صديق لها. يربح الأكراد كمقاتلين أسطوريين، ويخسرون كجيوش محاصرة بالأعداء. استغلوا الجميع واستغلهم الجميع، لعل وعسى، فإذا لا عسى ولا لعل. سوريا ساحة مثل كل المعارك الكبرى تتغير فيها المحاور. بدأت الحرب و«الجيش الحر» على جبهة المعارضة، وهو الآن في الفرق التركية. وكان متحالفاً مع الأكراد، فصار صيادهم. وكان النظام يعطي الأكراد ما يشاءون لأنه في حاجة إلى دعمهم، فلما اشتد ساعده رماني.
والميزة الكبرى، كما قلنا، هي هذه الصراحة الكبرى وقد أصبحت الحرب حرب مواقع، إنها مرحلة جرد الحسابات النهائية قبل إعلان نهاية الحرب. لذلك، تصرف إردوغان في عفرين وكأنه في ماردين، أو في مرسين. ولذلك أدار الأميركيون وجوههم، وفقاً للقاعدة المعمول بها، وتركوا لمن يريد أن يسرب «ستينغر» حرية الحركة. ومنذ سبع سنوات الحرب والمعارضة تتساءل، أين «ستينغر» نغير به اتجاه المعركة كما في أفغانستان، فلم يظهر «ستينغر» إلا في نهايتها مثل الصقر والطريدة.
ليست المسألة تُحلّ على الأرض وتذهب هذه الأموال إلى إعمار شيء من سوريا. وعلى الجميع أن يصارحوا أنفسهم بأنهم تعبوا. والعالم تعب. ورئيس كوريا الشمالية يزور كوريا الجنوبية... روقوا.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه