توقيت القاهرة المحلي 17:00:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هزمنا

  مصر اليوم -

هزمنا

بقلم: سمير عطا الله

قاومت هذه الهزيمة طوال عمري. رفضت أن أصدّق ما أرى. كنت أضحك من نفسي، أخادعها، أراوغها، أقول لها إنّ لبناننا الحقيقي آتٍ ذات يوم وكلّ ما يصيبك عابر وطارئ وغريب، وليس لبنان.

كنت مصدّقاً أنّنا نستحقّ هذه النعمة: أن نولد على شرق المتوسط وفي سفوح أجمل جبال الشرق. مفترق حضارات، ملتقى ثقافات، مرتضى الشعوب. ليس صحيحاً ما قاله روديار كيبلنغ: «الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا». ها هما يلتقيان في بيروت، شرقاً لا غروب فيه.

الغريب أنّ الذين أُعطوا هذه النعمة استنكروها. والبعض احتقرها. والبعض باعها في الذهاب والإياب، وأُقيمت مصارف خاصّة بالخيانة. وكان لكلّ خيانة شعاراتها الكبرى وأفكارها الطاغية وبشارتها بالخراب والدمار وإزالة كلّ ما في فكرة لبنان من وحدة والتقاء وسماح. وبقيت على إيماني بأنّ هذا التفرّد العربي سوف ينتصر. ذات مرّة، كان نديم دمشقية سفيرنا في بريطانيا وآيرلندا، وطلبت منه الحكومة الآيرلندية أن يشرح لها كيفية الصيغة اللبنانية في التعايش. فعندهم مذهبان فقط (البروتستانت والكاثوليك)، وهم غير قادرين على العيش في هدوء. انتهت المأساة في آيرلندا. وهنا، في لبنان، لا نزال نتخاون ونتربّص ونعدّ للشرّ ونغوص في تفاهة الجدل العقيم وكلّ واحد يتآمر على الآخر والجميع يتآمرون على الحلم الجميل والصعب.

عندما تمّ تأليف لبنان قبل مائة عام من هذا المزيج، قال جبران خليل جبران: «يا قوم، كيف تأملون لهذا الكيان أن يعيش؟». ولكنّ بعضاً ظلّ يأمل، أليس هو البلد الذي أعطى جبران خليل جبران؟ أنكروا جبران خليل جبران أيضاً. اتّبعوا الغوغاء والسارقين ودناءة الفكر والخُلق. تضامنوا على تكسير الإناء الملوّن الجميل وباعوا حطامه كسرة كسرة. ويجب أن نعلن هزيمتنا. يجب أن نسلّم بأنّ الفوز كان لتفهاء السياسة والسماسرة الصغار ومنبت الضحالة التامّة.

لقد هُزمنا وانتصرتم. لن يبقى حتى علم نسير في ظلّه. تبقي الغوغاء خلفها، ما تتركه في كلّ مكان. ما من مرّة في حياتي توقّعت شيئاً آخر. الضحالة تلد الضحالة والتنك لا ينتج ذهباً بعد ألف عام. كتب نزار قبّاني: «سوف تقتلونه وتندمون». أنتم لن تعرفوا الفرق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزمنا هزمنا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon