توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحت السنديان

  مصر اليوم -

تحت السنديان

بقلم - سمير عطا الله

أوائل القرن الماضي اشتدت رغبة الناس في التعلم، وكان عدد المدارس في لبنان قليلاً. ولا أدري من كان العبقري الذي اكتشف بديلاً لذلك. فوسط الفقر والقلّة والتخلّف، كانت المدارس الرسمية نادرة. وحتى العثور على منزل يتسع لعدد معيّن من التلاميذ كان صعباً. وما دام جميع أهل القرية معوزين، فيستحيل التضافر لبناء مكان مناسب.
ثمة عبقري خيّر خطر له أن أقرب الحلول هو الإفادة من شجرة السنديان: وارفة، عظيمة، خضراء طوال العام، وفي إمكانها أن تظلل عدداً كافياً من التلاميذ الصغار ومعهم معلمهم، ولا حاجة إلى لوح أسود (سبورة) ولا إلى طاولات، ولا إلى مقاعد. اقتعدوا الأرض واتركوا الفيء لشجر السنديان.

هكذا كان في كل قرية تقريباً مدرّسٌ وسنديانة ورعيل، أصبح فيما بعد من أساتذة لبنان وكبار أدبائه، أو من أصحاب المدارس الكبرى مثل الناقد مارون عبود (أبو محمد) الذي أصبح صاحب مدرسة عالمية. وذهبت مدرسة «تحت السنديانة» مثلاً على الجد، وأيضاً على تواضع نسبة التعلّم لمن لم يستطع إكمال دروسه فيما بعد.
غاب جميع جيل «تحت السنديانة» في قريتي، وبقيت هي وساحتها الرملية الصغيرة، وبقيت جذورها وجذوعها وأغصانها وأوراقها الخضراء. وبقيت تمتد في الأرض وتسمق في العلو. ولم يعد يأتيها المعلمون، ولا الطلاب، ولا أصحاب الذكريات.
ومنذ سنوات وأنا أسأل كل من يمكن أن يعرف عن عمر السنديانة، ولا ألقى جواباً. البعض يقول إن حجمها يوحي بثلاثمائة سنة. والبعض الآخر يقول أقل، والبعض يجزم بأن في شرايينها مائتي سنة بكل تأكيد.
كانت الزميلة «السفير» تُصدر كل شهر كتاباً مع العدد اليومي على طريقة «كتاب الهلال». وكنت أجمع بعض هذه الكتب عندما يتسنى لي. وقبل أيام عدت إليها وعثرت بينها على كتاب عن شاعر الهند روبندرونات طاغور في العالم العربي، لأن مرحلة نضاله من أجل الاستقلال تلاقت مع مراحلنا. وكان كلما زار عاصمة عربية تخرج الناس إلى سماعه ولو لم تفهم شعره. وقلّده، أو تأثر به، شعراء عرب كثيرون. وتُرجمت أعماله جميعاً وظلت تُترجم إلى أن ذبلت آداب الاستقلال وذابت مرحلة الشعر.
بكل متعة عدت إلى قراءة طاغور... كلمة كلمة. ومع أن ورق الجرائد يبهت مع الوقت، فقد بقيت كلماته مثل ذهب يلمع، ومثل الذهب يرنّ. وفي مقدمة الكتاب كيف أسس طاغور مدرسته الشهيرة التي لا تزال مزدهرة إلى اليوم. وقد حرص على أن تكون في الطبيعة معظم الفصول؛ إلا الشتاء. والباقي تحت السنديان.

 

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحت السنديان تحت السنديان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon