بقلم - سمير عطا الله
عندما بدأ حمدى قنديل عمله التليفزيونى عام 1960، فى برنامج «أقوال الصحف»، كان يشبه نجوم السينما تلك الأيام: شاربا كمال الشناوى ورشدى أباظة وأحمد مظهر. وكانت له حنجرة «فنية» أيضاً. وقد لعبت الوسامة دوراً واضحاً فى نجاحه السريع. لكن طوال سنوات عمله ظل حضوره المهنى وانخراطه فى العمل الوطنى، عنوان شعبيته الواسعة فى مصر والعالم العربى.
ولم يكن حمدى قنديل «مذيعاً» يقرأ الأخبار، أو يقدم البرامج، بل كان طوال سنين وجهاً من وجوه الإعلام والسياسة معاً. وقد أدرك عبد الناصر والسادات ومبارك مدى تأثيره فى الناس. وخاض مع الرئيس مبارك مواجهة طويلة بسبب توريث جمال مبارك. وأعتقد أن الرئيس المصرى أظهر سعة صدر عالية، وكان هو من «وسّط» الوسطاء مع الإعلامى، وليس العكس.
كان بين الوسطاء معمر القذافى. لكن الأخ القائد، الذى طلب من قنديل تقديم برنامج تليفزيونى فى الجماهيرية، ماطل فى تسديد أتعابه. ولم يترك حمدى وسيطاً إلا كلفه المساعدة فى تحصيل الحقوق المادية. وعندما شاهد منظر اغتيال القذافى آلمته الوحشية التى أظهرها الثوار «رغم كل شىء».
روى حمدى قنديل سيرة حياته عام 2014 فى كتابه «عشت مرتين» (دار الشروق). وهى سيرة صحفى كبير عاش أحداثاً كثيرة. ومنها يوم انفجرت حرب 5 يونيو (حزيران)، وهو بالصدفة فى سيناء يصور الاستعداد للمعركة. وعاد مع فريقه نحو القاهرة، مروراً بالمطارات المحترقة والطيارين الذين يبكون طائراتهم التى دمرت قبل أن تخوض القتال. وبعد أربعة أيام سوف يكون هو المذيع الذى يقدم استقالة عبد الناصر، وهو الذى يدعو الناس إلى رفضها.
وتمتلئ مذكرات قنديل بالطرائف. ومنها أنه عندما أصبح «أقوال الصحف» يذاع مرة ثانية بعد الظهر، طلبت أمه من الشغالة أن توقظه ليشاهد البرنامج. وظنت الشغالة أنها تمزح، ومع ذلك أطاعت الأمر وقرعت باب غرفته، فلما فتح لها راحت تصرخ «يا لهوى.. يا لهوى»، ثم خرجت من البيت هاربة إلى بلدتها تولول أن بيت عمر قنديل مسكون بالعفاريت!.
وفى حادثة أخرى: «استضفت بواباً كان قد أرشد عن قضية جاسوسية فى المعادى. وأخذ الحماس بالرجل وهو يشرح كيف أنه قام بما حباً بالوطن لا طمعاً بالمال. وأنه لا يملك من الدنيا سوى ما عليه من ملابس. وفجأة وقف وخلع جلبابه على الهواء وهو يصيح: ده كل ما عندى فى الدنيا، أنا راجل على باب الله. ورحت أهدئ من روعه: مصدقك والله. ما هو ما دام بواب لازم تبقى على باب الله».
نقلا عن المصري اليوم القاهرية