توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المنسي في وادي الملوك

  مصر اليوم -

المنسي في وادي الملوك

بقلم : سمير عطا الله

نحن فى أسيوط. يتوفى زوج تاركاً خلفه أرملته ووحيدته الصغيرة، عائشة. وسوف نفهم من الفصول التالية فى الرواية أننا فى بداية القرن الماضى. أما كيف نعرف ذلك فمن اسم اللورد كرومر، سفير بريطانيا. ومن اسم هوارد كارتر البريطانى الذى حقق أهم اكتشاف تحت الأرض: مدفن الفرعون، توت عنخ آمون.

تقرر الأرملة أن تهرب ابنتها عائشة إلى أى مكان، من شقيق زوجها عمران، الذى يتزوج منها، لكن عينه المتوحشة على عائشة. تأخذها إلى مدرسة أجنبية للبنات بعد أن تغير اسمها إلى مارى. وتعود من دونها إلى نجع بنى خلف.

هنا تبدأ أوركسترا السرد الروائى فى عزف «يوم غائم فى البر الغربى». ويبدأ محمد المنسى قنديل فى خلط التاريخ القديم بالتاريخ الراهن، وثورة توت عنخ آمون بالثورة العرابية، فيما يتغير عالم عائشة من المدرسة الداخلية إلى مترجمة فى منزل اللورد كرومر إلى موظفة إدارية فى أحد بيوت الدعارة فى القاهرة.

فى هذا العمل الضخم (450 صفحة، دار الشروق)، يلقنا المنسى دروساً فى التاريخ وفى العلاقات البشرية وفى حياة الريف القاسية والمعذبة. أما ما لا يمكن أن نتعلمه منه، فهذا الفن الروائى والسرد المطرز بخيوط من الذهب، والقطن والكتان والدماء، والحب والبؤس والمؤامرة والتمرد والخيانة والحروب.

ساحرٌ المنسى فى جميع التفاصيل، وفى تخيلها، وفى رسم وشرح الحالة الإنسانية فى مصر. وفى هذا السرد الساحر يتكرر أبطاله عبر التاريخ ومن أسيوط إلى أسوان إلى القاهرة. ويتكرر مشهد الذئاب التى ترضع الفرعون الطفل، ثم تفترس «عمران» العم الذى افترس عائشة بعد وفاة أمها.

كما يحدث لك عندما تؤخذ بمشاهد فيلم وتنسى أنك فى السينما بين يدى مخرج وسيناريست، يخطف المنسى مشاعرك فى كل صفحة بلا رحمة. دائما ترى نفسك وأنت تقرأ الصفحة التالية. دائماً أنت ملهوف لمعرفة ماذا يحدث لأبطاله من نفرتيتى إلى عائشة إلى رسام الحركة الوطنية الذى تُغرم به، إلى الزعيم مصطفى كامل الذى يوظفها فى جريدة «اللواء» صحيفة الحركة الوطنية.

لكن الخيبة تلاحق عائشة. الرسام يسافر إلى أوروبا، ومصطفى كامل يموت مريضاً، وبمحض الصدفة تعود هى للالتقاء بالرسام والمنقب هوارد كارتر. هنا يجب أن نلاحظ أن الصورة التى يعطيها المنسى للأبطال الحقيقيين فى الرواية، مثل كارتر، مختلفة عن التى رسمها لهم المؤرخون. خصوصاً البريطانيين منهم. لكننا نخرج فى نهاية المطاف بكنوز «وادى الملوك» وطرق الطين والتراب فى الريف، والنواجع وحكايات التاريخ المصرى. وعبثاً نبحث فى النهاية عن عائشة. لقد تركها مشردة فى مخيلتنا.

نقلا عن صحيفة «الشرق الأوسط»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنسي في وادي الملوك المنسي في وادي الملوك



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon