توقيت القاهرة المحلي 01:11:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حالة انطفاء

  مصر اليوم -

حالة انطفاء

بقلم : سمير عطا الله

عرف النصف الأخير من القرن الماضي موجات متنوعة من أفكار، أو عجائب الخروج على التقاليد. منها ظهور البيتلز بشعرهم المرخي على الكتفين وأغانيهم المبسطة وشعارهم التليد: «كل ما تحتاجه هو الحب». ومنهم الهيبيون، وخلاصة فلسفتهم الحشيش وعدم الاستحمام. ومنهم جماعة LSD الأميركية وشعارهم الحياة دوخة في النهار، وثلاث دوخات في الليل. وظهرت ثورة الجنس، وثورة غيفارا، وثورة الفن التشكيلي، والموسيقى البلاطية (من بلاط، أو لحن التبليط)، وازدهرت «الموجة الجديدة» في السينما.
ولم يكف الإنسان الضائع عن «البحث عن نفسه»، غير قانع بما تحقق. وبعد هزيمة النازية والفاشية، قوي حضور الشيوعية. لكنها ما لبثت أن أصبحت تقليدية، وظهرت لها فروع في التطرف: التروتسكية، والتيتوية، والماوية.
وكانت الأخيرة أشهر التقليعات وأوسعها انتشاراً. وصار من الرجعية أن تكون مجرد ماركسي عادي، مسالم وتقليدي. فـ«الموضة» تقضي بأن تدمر كل شيء، وأن تقتل المنحرفين الذين يحبون الموسيقى الكلاسيكية وألحان بيتهوفن وموزارت وقصائد بوشكين. ومن شهاماتها أن تبلغ الثائرة عن زوجها، والثائر عن أخته، والماوي الحقيقي عن أمه وأبيه.
وصارت الماوية نوعاً من المرتبة العلمية. أنت ماوي، يعني أنت مثقف. وكما أطلق الستاليون شواربهم المعكوفة دليل الإعجاب والوفاء، ارتدى الماويون الطقم الماوي الموحد، والشبيه بعمال الفبارك. ويجب الإقرار بأن هذا كان الشيء الوحيد الذي تأثرت به من إبداعات «التشرمان ماو». وتأثر القذافي من تعاليم ماو، بالاحتفاظ بغرفة دائمة من الممرضات. وفاته إنشاء كتيبة من المترجمات، لكنه تفوق على ماو، بكتيبة من الحارسات.
حتى جان بول سارتر، أشهر فيلسوف يساري في فرنسا، اضطر أن يعلن نفسه ماوياً، كي لا يتفرق المثقفون من حوله. وانضم إلى حركة مايو (أيار) الطلابية بصفته تابعاً من أتباع العنف، وليس قائداً فيهم.
عندما غاب التشرمان ماو، كان قد توفي قبل ذلك بعدة سنوات. انطفأت «الثورة الثقافية» في الصين، واعتدلت البلاد، وتضاءل نفوذ ماو وتخيلاته الدموية المضحكة. لا موجات غرائبية هذا القرن. لا هيبيون يدعون إلى عدم الاستحمام. لا أحزاب تنشق على نفسها. لا مثقف تاريخي مثل سارتر ينضوي في فكر كرنفالي مثل ماو.
طبعاً، لا تنقصنا الظواهر. لا اليوم ولا غداً. ولكن ليس بينها من يريد إنقاذ العالم بكتاب أحمر أو أخضر، أو من خلال اللجان الشعبية. التحدي اليوم هو أن يتمكن العالم من العودة إلى السكينة والهناء، والاستقرار والهدوء، ونعمة الصمت بدل الزعيق المريع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة انطفاء حالة انطفاء



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:09 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة
  مصر اليوم - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد

GMT 03:15 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

رانيا يوسف تحتفل بقُرب انتهاء تصوير "مملكة إبليس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon