بقلم - سمير عطا الله
يقول المؤرخ بول كنيدي، إنه في منتصف القرن التاسع عشر كانت مجموعة من الجزر الواقعة قبالة الساحل الشمالي الغربي تحتل أهمية الدولة الأولى في شؤون العالم. فقد كان نفوذها يمتد على خُمس أرض العالم، وكان لها مصالح في بقيتها؛ لأنها كانت الدولة البحرية الأولى، كما كانت الأولى في التجارة والصناعة، وما نسميه الآن التكنولوجيا.
تلك هي الأسباب التي جعلتها تتقدم على أي مجموعة جزر في العالم بما فيها اليابان. ثمة شيء واحد تصنف به دول وشعوب الأرض: الاقتصاد. ولست أعرف له اسماً آخر. وعندما سلمت بريطانيا هذه المرتبة إلى دول أخرى، كان السبب أنها فقدت سيطرتها على ثروة الأراضي، وتجارات البحار، وتقدمتها أميركا في العلوم، واليابان في التكنولوجيا، والصين في الإنتاج.
عندما انهار الاتحاد السوفياتي بكل عظمته، كان لا يزال يستورد القمح من أميركا، والسيارات من إيطاليا، ويقايض بالأسلحة برتقال المغرب. للأسف لم تتغير شروط ووقائع الاستمرار والنجاح في العالم. وهو عالم ظالم لا يغيّر عاداته في الأفراد والأمم. إنه لا يخاف الفقراء إلا كمن يخاف الخارجين على القانون. ويقف في باب الأغنياء، طالباً المساعدات والمنح. ومهما قال الفقراء من حقائق عن الأغنياء، فسوف يكون الرد أنه الحسد والغيرة.
كيم جونغ أون قرر أن يقبل قواعد العالم قبل أن تسبقه كما فعلت قبلاً في أصدقائه السوفيات، ونموذجه الأعلى أنور خوجا. الجنة الماركسية لم تتحقق في أي مكان. حتى الكفاية لم تتحقق وراء الستار. لذلك؛ أسقطته الصين لتتاجر مع أنحاء العالم، وصارت روسيا ترسل السياح إلى مصر بدل «الخبراء».
الرغيف والحرية، بدل الشبع والتنفس. أعطى القذافي ليبيا خُطباً خضراء مثل خُطب ماو الحمراء. الديكتاتور يرتعد من فكرة الحرية، لكنه في الوقت نفسه يخاف أن يتمتع شعبه بالبحبوحة لئلا يتمادى في التفكير والمقارنة. عندما قرر معمر أن الخطب الطويلة لا تجدي مهما حشيت بالإضحاكات الباهتة، واقتنع أن لا فائدة لأحد في الحشو والنووي، وقرر تالياً الانضمام إلى الدول الطبيعية، نسي أن للحياة العادية شروطها أيضاً وخطابها وآدابها: تعابير يمكن حملها، وعباءات يمكن حملها، وتمويلات يمكن تحملها!
كيف هو الاقتصاد الإيراني؟ كيف هو حال الطبقة العاملة والمتوسطة في إيران؟ ما هو موقع إيران بين دول الكفاية؟ لا يجدي كثيراً أن تقلق إيران وتزعج شعوب العالم. يجب أن تتذكر موقع شعبها على مقياس الرضا. كيم جونغ أون مثال هائل.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع