توقيت القاهرة المحلي 21:26:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الشخروب»

  مصر اليوم -

«الشخروب»

بقلم - سمير عطا الله

إذا كنت من المعجبين بآثار ميخائيل نعيمة، فإنك لاحظت أن اسمه ارتبط أكثر ما ارتبط باسمين: رفيقه في المهجر، جبران خليل جبران و... الشخروب! وهذه كلمة عامية تشير إلى مكان في القرى، لا هو بيت كالبيوت، ولا منزل كالمنازل، ولا كوخ كالأكواخ، ولكنه جزء من حياة بعض أهل القرى. أو منعزل في أراضيهم. أو اسم بقعة من بقاع أملاكهم.

وقد أصبح «شخروب» نعيمة، حيث ينصرف إلى العزلة والكتابة، اسم علم مثل عائلته ومؤلفاته. وعندما وضع مذكراته «سبعون» حاول أن يعرِّف قراءه بما كان «مشغله» الكتابي طوال عمره، فوصفه بأنه «مثلث تحصره من الغرب والشرق ساقيتان تلتقيان إلى الجنوب في واديه، ومن الشمال سلسلة من الصخور الشاهقة تتخللها بعض الفجوات (...) وتنحدر أرضه انحداراً سريعاً إلى الوادي (...) وتكثر صخوره الهائلة والصغيرة، وكلها كلسية رمادية اللون (...)، من تحت تلك الصخور الباسقة تمر قناة نبع صنين: (ولَكم جلست في حداثتي على حافتها أبرِّد في مياهها الصاقعة يدي ووجهي ورجليّ)».

ترك نعيمة يافعاً عالم الشخروب القاسي والصلب الذي سرعان ما تجتاحه البرودة في الخريف وهو على علو 1500 متر، ثم تهبط عليه الثلوج من جبل صنين المحاذي، حيث تبقى طوال فصول السنة. من «الشخروب» سافر إلى الناصرة في فلسطين لينخرط في المدرسة الابتدائية، ومن فلسطين إلى روسيا، حيث دخل أحد معاهد أوكرانيا، ومن روسيا إلى الولايات المتحدة حيث درس الحقوق في جامعة سياتل، وبعدها انضم إلى أشقائه في أعمالهم، ومن ثم انتقل إلى نيويورك ليعمل موظفاً بسيطاً، وفي الوقت نفسه، انضم إلى «الرابطة القلمية»، أشهر تجمع عربي في بلدان الاغتراب.

العام 1930 توفي جبران خليل جبران، والعام 1932 قرر نعيمة ترك كل ذلك العالم، من الناصرة إلى روسيا إلى نيويورك، وعاد إلى عالم الشخروب وصخوره الرمادية والتأملات الأدبية التي جعلت منه واحداً من أبرز أدباء العرب.

كان في قرارة نفسه يأمل أن يتجاوز مرتبة رفيقه جبران في الأدب العربي والعالمي. بل حاول مثله أن يحترف الرسم وأن يكتب الشعر وأن يطلق الحِكَم. لكن الفارق ظل هائلاً، سواء في حياتهما أو ما بعدها. عاش جبران 48 عاماً وما زال كتابه «النبي» إلى اليوم بين الكتب الأكثر مبيعاً في العالم. لكن نعيمة، الذي توفي متجاوزاً التسعين، لم يستطع اختراق الإطار العربي.
ربما كان أحد أسباب ذلك: «الشخروب»، أي حب العزلة وعدم الخروج إلى الناس. أو ربما كان هذا نصيبه من الحياة الأدبية. وهو لم يكن قليلاً في أي حال.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الشخروب» «الشخروب»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon