توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إبراهيم والرافعي وجبران

  مصر اليوم -

إبراهيم والرافعي وجبران

بقلم: سمير عطا الله

أقرأ دائماً في كتابات الدكتور ناجح إبراهيم باحثاً عن رسائل المودّة بين الناس ودعاوى الألفة بين البشر وأحكام السماح بين المصريين. وفي مقالات هذا الرجل الذي كان من مؤسسي «الجماعة الإسلامية» ذات يوم تًعْثُر يوماً على شيخ من طنطا، أو قسّ من دمنهور، القاسم بينهما محبة مصر والانفتاح على الناس. وللدكتور إبراهيم أسلوب علمي مليء بالمعرفة، شديد التعمق في الفقه وفي الأديان. ولا يبحث في كل هذه المعارف إلا عن الالتقاءات والجسور والدروب المفضية في نهايتها إلى الإيمان الكبير.
كان الشيخ مصطفى صادق الرافعي من أعلام مصر في أوائل القرن الماضي، وبسبب أصوله اللبنانية في مدينة طرابلس، كانت له مكانة خاصة بين اللبنانيين سواء في مصر أو خارجها. وكان الرافعي أيضاً مجدداً وفقيهاً. بدأ حياته الأدبية شاعراً، لكنه ما لبث أن تحوّل إلى النثر، معترضاً للمرة الأولى بين أهل القلم، على القيود التي يفرضها الشعر من أوزان وقافية. إلاّ أن الرافعي لم يأخذ حقّه ومكانته المستحقة في الآداب المصرية. وحاول بعض اللبنانيين إحياء ذكراه والإضاءة على تراثه. وذات مرة كتب أحدهم في عصبية واضحة: «ماذا يكون جبران خليل جبران بالمقارنة مع الرافعي؟ إنه لا شيء، ومع ذلك دَوَت شهرته في آفاق العالم بينما لا يزال الرافعي شبه منسيّ ومجهول».
عندما قرأت هذا الكلام قبل حوالي ربع قرن رأيت فيه مجرّد نزق عابر وبلا أهمية. فأين وجوه المقارنة بين جبران والرافعي في أي حال. كلاهما شخصية أدبية مختلفة عن الآخر، ولغة مختلفة عن لغة الآخر، ومشارب ثقافية مختلفة أو متناقضة.
يوم الثلاثاء الماضي نشرت «الوطن» المصرية مقالاً للدكتور ناجح إبراهيم بعنوان «مصطفى الرافعي... أرقّ وأدقّ كلماته». عندما انتهيت من قراءة المقال وما نقله الدكتور إبراهيم من أقوال الرافعي، أيقنت أنني لم أكن أعرف شيئاً. وتذكرت الكاتب الذي قارن بين الرافعي وجبران خليل جبران، وخرج يُعلن أن الأخير لا يقارن من حيث العمق والفكر والموهبة، بالكاتب اللبناني الذي ذاع صيته في أنحاء العالم. لا أريد القول إن الأسطر القليلة التي قرأتها منتقاة بقلم ناجح إبراهيم، أقنعتني بأن الرافعي أهم من جبران. لكن الرافعي الذي يعرضه هذا المفكر المصري الكبير، هو ساحر أدبي ظلمه الأدب العربي الى حدّ بعيد. لا شك أن للدكتور إبراهيم طريقة رائعة في البحث عن جواهر الآخرين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالروحانيات والمشاعر الإنسانية السامية. إنه يجمعها بمحبة واضحة ويحنو عليها ويدفعها بهدوء متأنٍّ إلى رفوف خزائِنِه البرّاقة. دائماً يجعلني ناجح إبراهيم، أعيد قراءة ما سبق وقرأت. ودائماً أشعر باطمئنان تلميذ إلى أستاذ. ودائماً أفعل ذلك بدهشة المكتشف ورضا الباحث عن العلم.
لا ينضب الخزان الفكري في مصر، ومن متع الصحافة اليومية أنها تقدم أيضاً جرعات مكثفة من الإضاءات الفكرية العميقة التي تتجاوز الإيقاع اليومي السريع. وليس من الضروري أن تتفق معها دائماً، ولكن من الضروري أن تتطلّع عليها باستمرار لأن في غير ذلك، نقصاً في الغباء الروحي والثقافي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إبراهيم والرافعي وجبران إبراهيم والرافعي وجبران



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon