بقلم : سمير عطا الله
هى «قناة السويس». وهى أحيانًا، «القنال»، ودائمًا «القناة»، اسم علم لا مثيل له بين الممرات المائية التى حفرها الإنسان، وكان أولها وأهمها هذا الممر، الذى ربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وآسيا بإفريقيا، واختصر خطوط التجارة حول العالم.
صحيح أن شركة فرنسية شقت القناة عام 1859، لكن الفراعنة حاولوا ذلك من قبل، نحو خمسة منهم على الأقل. ليس الفرنسى فردينان دو لسبس أول من أدرك أحادية موقع مصر، الجغرافى والاستراتيجى، لكنه أول من نجح فى تنفيذ المشروع.
كل بناء جبار له نقطة ضعف. هذه القناة العظيمة أوقفت حركة المرور فيها سفينة عظيمة هى أيضًا. شاحنة بحرية قادرة على نقل 20 ألف حاوية حمولتها 224000 طن، طولها نحو 300 متر وعرضها 60 مترًا. وفيما بحثت فى تفاصيل السفينة التى تسد قناة فى انحرافها نحو اليابسة، وجدت أن أضخم عشر سفن شحن عملاقة، لها ملكية واحدة: كوريا الجنوبية.
سوف يكلف تعطل القناة نحو 10 مليارات دولار خلال أسبوع واحد. النقل البحرى عالم هائل لا نعرف عنه شيئًا. عالم قائم بذاته خلف البحار. وفى اعتقادى أن القناة هى «النيل المالح» لمصر. 19000 سفينة عبرت فيها العام الماضى.
بعيد وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم، كان أول مشروع حيوى أعلن عنه إقامة قناة أخرى. وعلا ضجيج السطحيين. واليوم يتبين أن مصر تحتمل قناة ثالثة ورابعة. مائة سفينة تصطف أمام مدخل القناة اليوم فى انتظار إزاحة هذا التنين الهائل المعرقِل حركة المرور البحرى. لقد أقعدت «كورونا» آلاف الطائرات، وشلت حركة السفر الجوى، فيما تجوب البحار ناقلات النفط والبضائع ولا تتوقف حركة الموانئ البحرية إلا... إذا سدت فى وجهها سفينة طولها نحو نصف كيلومتر!
أو إذا وقعت القناة فى العدوان أو فى الحرب وامتلأت بحطام السفن. وما أسخف الشامتين. فقد تحول انغلاق القناة وصدام قطارى سوهاج المأساوى إلى موضوع تندر ونقد للحكومة. والحقيقة أن موضوع السكك الحديدية فى مصر مسألة بالغة الجدية. فلم نعد نسمع فى العالم عن حوادث قطارات إلا فيما ندر. لكن يجب أن نتذكر أيضًا أنه قبل انتخاب السيسى كان معدل حوادث القطارات يزيد على أربعة آلاف فى العام. وكانت كوارث العبارات كارثية. وكلها غير معقولة. ومنذ بداية حكم السيسى أدخلت على تطور نوعية القطارات ما نسبته 4 آلاف فى المائة. هذه مسائل لا تحتمل الشماتة ولا السخرية!.