توقيت القاهرة المحلي 09:10:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمٌّ على مدى الزمان

  مصر اليوم -

أمٌّ على مدى الزمان

بقلم - سمير عطا الله

قبل أيام من غيابها صدر للروائية إميلي نصر الله كتاب عن فصول من حياتها موشى برسوم للراحل جان مشعلاني، عنوانه «الزمن الجميل». أي الزمن الماضي. ومن علامات الجمال في ذلك الماضي كان وجه إميلي نصر الله وقلبها وقلمها وصورة الأم في حياتها.

نعاها الرئيس ميشال عون بأنها «أم الرواية اللبنانية». وهذا أبرز وأدق أوصافها، لكنها كانت أيضاً أماً للأدباء المعوزين، وكانت أماً حانية لإخوتها المهاجرين، وكانت أماً لأيتام الحرب، وكانت أماً للفلاحين في قريتها، وكانت أماً للمهاجرين. لم أعرفها إلاّ أماً.

المرأة الوحيدة التي عملت في الصحافة كل هذه السنين ولم تكن جزءاً من الحياة الصحافية. لم نعرفها في مجتمعنا. لم تشاركنا في رحلاتنا. لم نشاهدها في مقاهينا. لم نسمعها في ثرثراتنا ونميمتنا ودسائسنا وانحداراتنا المتعددة.

تجاورنا معاً في «دار الصيّاد» حيث صالة التحرير مفتوحة. وكنا نسمع صوتها عندما نلقي تحية الوصول ثم تحية الاستئذان. وكان حضورها – حين تحضر – يفرض على الجميع الانتباه إلى التهذيب. لا خروج على الآداب حتى همساً.

انصرفت إميلي نصر الله إلى الرواية كما انصرفت قبلاً إلى الصحافة، إتقاناً وغزارة واجتهاداً. وساعدها يسر العائلة الزوجية على التفرغ إلى الأمومتين: الأبناء، والرواية. وإليهما كانت تبذل الوقت والعون في حالات اجتماعية كثيرة. ولم أعرف ذلك منها في أي وقت وإنما من المعنيين الأوفياء. وكنت عندما أشكرها على ذلك، تبقى صامتة لكي لا تجرح كرامة المجروحين، أو تجرح تواضعها ورهافتها وعمقها الإنساني.

في الأدب ظلت إميلي نصر الله في الإطار الكلاسيكي، عن شغف وعن عمد. كما ظلت ضمن الموضوع اللبناني من وطن وغربة وهجرة ولا عودة. ولم تشأ مرة تجريب الأسلوب الحداثي لأنه لم يكن ليعبّر عن مشاعرها وقضاياها. فلا عشق ولا تلميحات تستقطب الشهرة والجدل. أمٌّ على مدى الزمان.

بسبب الإطار اللبناني المحض، لم تُعرف عربياً على نطاق واسع إلا في أوساط الأدباء أنفسهم. ولم تدخل في سباق. ولم تؤسس لنفسها دائرة علاقات عامة وجناح استقبال. ظلت وحيدة على درب عالمها البسيط، وتركت للآخرين أن يطلّوا عليه. وكان لأعمالها موقع وأثر في اللغات التي تُرجمت إليها، وخصوصاً، الألمانية واللغات الاسكندنافية، حيث وجد قراء الشمال تجاوباً مع نصاعة وبراءة الرواية والعلاقات البشرية.

لم نكن ننتظر ما كتبت «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» في وداع صاحبة «طيور أيلول» لكي ندرك أهمية من فقدت المدرسة الروائية في لبنان. لكنها في أي حال، شهادة في تلك الفتاة التي غادرت قريتها إلى بيروت قبل سبعين عاماً، ولم تغادرها القرية إلى مكان.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمٌّ على مدى الزمان أمٌّ على مدى الزمان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon