بقلم: سمير عطا الله
امتلأت فرنسا هذا الصيف بصور الجفاف الذي حوَّل أجزاء منها إلى أراض محروقة تشبه صحاري أفريقيا. ودعت الحكومة الذين لا يملكون المكيفات في بيوتهم إلى اللجوء إلى البحيرات العامة ومراكز التسوق المبردة. وضحكنا، ما بين باريس ولندن، عندما تساءلنا، ابني وأنا، كيف الحر عندك. فالعادة في «مدينة الضباب» ومدينة «السماء الرمادية»، أن تسأل عن المطر والبرودة، في الاتجاهين.
وما زلنا لا نصدق ما يقال عن التغير المناخي على الكوكب الأزرق، لأن الشعوب تعتبر أن هذه مسؤولية المسؤولين والعلماء. أما الشعوب، فلها أن تملأ الدنيا تلوثاً وتصحراً وأوبئة. لا أدري كم يحتمل كوكبنا من البشر والكائنات. لكنني كلما رأيت الحركة في مطار أوروبي رئيسي، أشعر أن الأرض سوف تنوء بحملها من جموع تملأ المطاعم والمغاسل والمصاعد والمرائب. تخيّل في اللحظة نفسها جميع مطارات ومحطات وموانئ وأجواء كوكبك هذا.
وقبل أن ننسى: المحيطات والبحار والقطبين المتجمدين، شمالاً وجنوباً. وقد تلوثت محيطاتنا وبحارنا حتى امتلأت بما يسمى الآن «مناطق ميتة» لا تعيش فيها حياة. ومنها بقعة هائلة في بحر عُمان؛ يقال إنها في مساحة السلطنة. وتبني الصين والولايات المتحدة جزراً وقواعد عسكرية اصطناعية تحسباً لغرق بعض الجزر القائمة حالياً تحت المياه.
فرنسا امتلأت أيضاً هذا الصيف بالحرائق. لكن لا تزال كاليفورنيا صاحبة الرقم القياسي: 9 آلاف حريق بري، بينها عشرون من الأسوأ في تاريخ الولاية: عام 2017 كانت حصيلة الحرائق ترميد 2000 ميل مربع، تكررت عام 2018، ويتوقع أن تمحو الحرائق في أميركا 20 مليون إيكر مع حلول 2050.
الغابات تحترق أيضاً في السويد. وانحسار الغابات كارثة بيئية في كل مكان. وكانت المدن ترفع لساكنيها لافتات الطرقات، لكن مدناً مثل باريس، أو أثينا، ترفع نسب التلوث. وتصل في أثينا أحياناً إلى مائة في المائة فتمنع المدينة الناس من الدخول.
مثل كل شرقي، بقيت أعتقد أن التغير المناخي سلوى العلماء العاطلين عن العمل. لكننا نشاهد، أو نشعر، بالآثار في كل مكان الآن. بمعرفة أو بغير وعي، تُشوِّه البشرية حياتها وتُمعن في ذلك. فجأة كل واحد منا مسؤول لا مفر.