توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاكمة دون الحكم

  مصر اليوم -

محاكمة دون الحكم

بقلم: سمير عطا الله

بعد كل هذه السنوات في نقد الرئيس عمر البشير، لم أكن أتخيل يوماً أن أدافع عنه. سيرة طويلة جداً، من دارفور إلى كارلوس، إلى التنكيل بالقامات الوطنية، إلى القلاقل العبثية مع مصر، إلى تبديد وقت الدولة والناس في متاهات استعراضية، ملت الشعوب سقمها.
برغم كل ذلك، يؤسفني أن أرى رئيساً عربياً في السجن. يجب أن تتعلم الشعوب العربية أنها مسؤولة أيضاً عما يحدث لها. لا عذر أن يبقى البشير في الحكم 30 عاماً، وأن يبقى القذافي أربعين. والدليل أنه يوم أراد السودانيون، نزلوا إلى الشوارع ولم يعودوا إلا بعد إسقاط رجل، لم تنفعه الملايين التي كان يخزّنها في منزله، بدل البنك المركزي. وكان أول من حاول الفرار من البلاد، أشقاؤه الضالعون. هكذا حدث مع الرئيس بوتفليقة وإخوانه وشركاه.
ليس مشهداً مرضياً، مشهد البشير سجيناً مجرداً حتى من عصاه. لقد لوَّح بها طويلاً في وجه معارضيه، وفي وجه مذكرة الاعتقال الدولية، وطفق يسافر من مطار إلى مطار، متحدياً بوليس العالم أن ينفذ المذكرة. فإذا بالذي ينفذها، الشرطة العسكرية في الخرطوم.
كان ذلك آخر ما توقعه الرئيس المشير. على مدخل قصر السيف القديم في الكويت حُفرت جملة من أهم حِكَم الحياة وأحكامها: «لو دامت لغيرك، ما اتصلت إليك». يعتقد الزعماء العرب أنه مجرد قول لا يطالهم لأنهم مؤبدون.
إذا كان لا بد من محاكمة، فلتكن مقتضبة. فالحكم نفسه أصدره الشعب السوداني منذ زمن، وإن لم يستطع إعلانه. والسودان الآن في طريقه إلى حياة مستقرة، ودولة القانون، فلماذا تعكير المسيرة بالذكريات المؤلمة؟ مهما كان نوع الحكم وحجمه، لن يعيد إلى السودان شيئاً من كل الذي ضاع. لذلك، فليرد المتهم ما أمكن استرداده من أموال (من جميع الأنواع)، ثم يقضي بقية الحياة في منزله، يتفرج عن الشرفة، على كيفية بناء الدولة مثل سائر الأمم، وكيف أن كل دقيقة هي زمن في حياة الشعوب. مهما كانت أهمية المحاكمة، فهي لا شيء أمام حجم الخسائر. بلاها، أفضل. كفى السودان ما أضاع من وقت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاكمة دون الحكم محاكمة دون الحكم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon