بقلم: سمير عطا الله
تتسع البحار حتى تصبح في حجم المحيط، لكنها فجأة تضيق وتضيق إلى أن يصبح اسمها المضائق. أو كما يسميها الساخرون «المخانق». مثل مضيق الدردنيل. أو مثل قناة السويس، التي حفرها الإنسان بسبب تعبه من اتساع البحر. ولذلك، تسببت المضائق في الحروب. أو ساهمت في تطوير اقتصادات السلام. وحرص العالم على هويتها الدولية برغم واقعها الجغرافي. كمثل الدردنيل أو السويس.
منتصف القرن الماضي، كان النفط قد أصبح في أهمية المياه العذبة للعالم الصناعي الجديد. وبدأت الناس تسمع بمضيق جديد تمر فيه ناقلات النفط من الخليج العربي إلى مصافي الأمم ومصانعها وسياراتها. وصار المضيق عنوان خوف، كما كانت قناة السويس من قبل. إن أي مواجهة عسكرية تحوّله إلى مخنق حقيقي، للمصدرين والمستوردين على السواء، مع أنه ليس في ديار هؤلاء أو أولئك.
تضع الجغرافيا العرب وإيران قبالة بعضهما بعضاً في نزاعات ومناطق كثيرة. في هرمز تتحول الفسحة إلى مخنق. وتصون هذه النقاط الاستراتيجية عادة، المعاهدات والأعراف الدولية. وتمر ألوف الناقلات والسفن، وحتى البوارج الحربية في حركة عادية طبيعية لا يعيقها حتى الموج في تلك المنطقة الدافئة، إلى أن قررت إيران، في مواجهتها للغرب، أن تضع أيديها على خنّاق الرهينة!
سوف تضع يديها وتشد. ما دامت هي غير قادرة على تصدير النفط، فلن يُصدّره أحد. صحيح أن أميركا هي التي تفرض عليها العقوبات، لكن هي تريد أن تفرضها على العالم أجمع. والمكان الأنسب هو المضيق. هنا، تبدو إيران وزوارقها الصغيرة، دولة في مواجهة الولايات المتحدة، تخيف أوروبا، وتحتجز سفن بريطانيا التي كانت ذات يوم تحتل العالم أجمع، كما يقول نشيدها الوطني، بما فيه إيران، الواقعة على الطريق إلى الهند، مثل بلدان كثيرة أخرى، ما بين المتوسط والمحيط الهادي.
تحول المضيق، المفترض أنه مياه دولية محايدة، إلى وسيلة تهديد إيرانية. مجرد رهينة أخرى في سلسلة الرهائن العربية، بعيداً عن احترام أي قانون أو عهد أو عرف. حتى الصين وروسيا وقفتا على الحياد وتجنبتا تأييد إيران. لكنها ليست في حاجة إليهما، معها «الحرس الثوري».