توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القناعة كنز لا يفنى

  مصر اليوم -

القناعة كنز لا يفنى

بقلم: سمير عطا الله

في نهاية القرن الثالث عشر، عاد الرحّالة الإيطالي ماركو بولو لكي يصف «المدينة المحرّمة» في بكّين، التي هي أيضاً مسكن الإمبراطور. كثيرون لم يصدّقوا ما سمعوا عن وصف المدينة ذات الجدران القرمزية والبنفسجية اللون، التي تضم قناة كبرى من المياه و«نهر الذهب»، وخمسة جسور مبنيّة من المرمر الأبيض. رخام في كل مكان. سطوح صفراء وأعمدة حمراء تتداخل في الطغيان الأبيض، فوق مساحة مؤلفة من 960 متراً على 750 متراً، تحيط بها كلها «المدينة الإمبراطورية» المحاطة بما يسمّى «مدينة التتر»، وإلى يمينها «المدينة الصينية». تلك هي المدينة المحرّمة التي لا مثيل لها في أي مكان آخر من العالم، ويبلغ طولها 3500 كيلومتر. مدينة في قلب مدينة على نمط اللعبة الروسية، عروس خشبية داخل عروس أخرى.
اعتبر الصينيون القدماء أنه لا حدود لعظمة حكامهم، ولذا وجب أن يعيشوا ضمن أكبر مجمّع سكني على وجه الأرض. وبلغ عدد الغرف في هذا المجمّع، 9999 غرفة، لكنهم توقفوا عند هذا الرقم لاعتقادهم أن المبنى الذي يضمّ عشرة آلاف غرفة ليس موجوداً إلا في السماء. القناعة كنز لا يفنى، على ما قال المثل العربي، وقد استعملنا نحن الـ«تسعات» عندما احتجنا إليها في انتخابات الرؤساء العرب، فأصبحوا يفوزون بـ99.999 في المائة في الانتخابات والاستفتاءات. وتراءى للرئيس العراقي صدام حسين أن هذا رقم حقير لا يليق برئاسته فأعلن فوزه بمائة في المائة من الأصوات. ولم يكن في ذلك أي خطأ، فالفرق لا يستحق الذكر والعناء، والناس سوف تفاجأ مفاجأة العمر لو أن الرقم كان حقيقياً.
أوائل الثمانينات، أنتج المخرج الإيطالي برتو لوشي فيلماً بعنوان «الإمبراطور الأخير»، عن حياة بوي يي، آخر من عاش في المسكن القرمزي بصفته الإمبراطورية. لكن الشيوعيين السوفيات اعتقلوه وسلّموه إلى ماو تسي تونغ عام 1950. حيث «أعيد تأهيله» كشيوعي، وبعد فترة سجن قصيرة، عثروا له على وظيفة كعامل حدائق. كان الفيلم محزناً جداً. يخرج المشاهدون من دور السينما وهم يدمعون. وقد غيّر برتو لوشي في النص التاريخي من أجل تضخيم الدراما السينمائية، وتخيّل مشاهد كثيرة لم ترد في القصة الحقيقية برغم مأساويتها. واللافت أن ذلك كان أول فيلم يصوّر داخل المدينة المحرّمة نفسها بموافقة الحكومة الصينية. وقد حاولت الحكومة الضغط من أجل تغيير بعض المشاهد، لكن الفنان الإيطالي انتصر في المواجهة، معلناً أن الفن لا يقبل الرقابة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القناعة كنز لا يفنى القناعة كنز لا يفنى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon