توقيت القاهرة المحلي 06:29:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تواضع أهل الغضب

  مصر اليوم -

تواضع أهل الغضب

بقلم - سمير عطا الله

خرجت في حياتي في تظاهرة واحدة. كان ذلك في التاسع من يونيو (حزيران) 1967. يومها استقال جمال عبد الناصر، وعمّ العالم العربي الحزن والقلق. ورأيت التظاهرة في شارع الحمراء فانضممت إليها. وبعد نحو ألف متر وصلنا إلى نزلة «القنطاري». ورأى المتظاهرون محل خياطة، فأخذوا يحطّمونه... ثم المحل المجاور... ثم بعدها محطة البنزين. وكان إلى اليمين شارع خرجتُ إليه مبتعداً عن كابوس التكسير. ولم أخرج منذ ذلك اليوم إلى تظاهرة أو اعتصام أو تجمع.
وعندما غطيت ثورة طلاب فرنسا عام 1968، لم يكن ذلك خياراً أو قراراً. فقد رأيت نفسي بالمصادفة في قلبها أمام غرفة الفندق. غطيتها بموضوعية ومهنية، لكنني لم أؤيدها، ولم أتعاطف معها، ولم أنضم إلى رومانسية المثقفين في «تحليل» غاياتها؛ بل تغيرت نظرتي بعمق، إلى الكتّاب الذين أقرأهم وإلى منظّري العنف واتباع الغضب.

عرض مراسلنا في باريس الأستاذ ميشال أبو نجم، في رسالة مفصلة (السبت الماضي) أخبار حركة «الصديرات الصفراء» - وليس «السترات» كما ترجمت خطأ. وفي هذا العرض نوع من التبرير لموقف الجماعات أو سياساتها، والإنحاء باللائمة على معالجة الدولة للقضية، خصوصاً الرئيس إيمانويل ماكرون. ومن كان يسكن في باريس فلا بد من أنه وقع تحت تأثير الصحف والإذاعات وعشرات الندوات التلفزيونية؛ فالمعارضة في فرنسا موضة، والموالاة جبن وعيب... «وهبوا، هبينا... لكن روقوا، لا نروق».

ماذا كانت النتيجة؟ كانت أن شاباً غاضباً يسكن أطراف المدينة جاء وأحرق وحطم وأغلق متجر رجل لا يعرفه، وفي طريقه حطم صورة المدنية وألحق الضرر والنكسة باقتصادها؛ بعث برسالة إلى الخارج بأن فرنسا دولة هشّة، في إمكان أي زمرة عصابية أن ترفع شعاراً مزوفاً وتستخدمه لإحراق الاطمئنان والاستقرار.
تغيرت ألمانيا من عهد إلى عهد من دون أن تتحطم نافذة، وتغيرت بريطانيا من مكان إلى مكان من خلال استفتاء ونقاش برلماني. وفي دوقية لوكسمبورغ المجاورة، حدث في هذه الأثناء حدث هو الأول في الأمم: جميع سكان الدوقية بعد اليوم يستخدمون وسائل النقل العامة مجاناً، مهما كانت أعمارهم وأسماؤهم وآراؤهم في فلسفة جان بول سارتر.

الذي حدث في جوهرة العواصم الأوروبية عمل رعاع غلاظ لا يعرفون معنى المسؤولية. ربما أن الرئيس أخطأ. وربما وزير الداخلية. لكن كيف نصف هذا الانفلات الشرير في وجه الأمن الوطني، في بلاد مكفول فيها جميع أنواع التعبير.
فليتخيل كل منا عاصمته ومدينته. لقد اتهم الصفر رئيس الجمهورية بالعجرفة وعدم المحاورة. فهل هذه الحرائق والخرائب تواضع وحوار؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تواضع أهل الغضب تواضع أهل الغضب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon