بقلم: سمير عطا الله
تدوم الفضائح طويلاً، وكلما كان أركانها من المشاهير، زاد غموضها غموضاً. وسوف يعيش الإعلام الدولي مدة غير محدودة على ما يتسرب، أو يشاع، من حكايات انتحار الملياردير الأميركي جون إبستين، لمن يصدق نظرية الانتحار، ولمن لا يصدقها. وأنا من الفئة الثانية.
وفي اعتقادي، استناداً إلى كل ما ذكر حتى الآن، أن دعوة مفتوحة وجهت إلى المستر إبستين، كي يتفضل بالانتحار. فليس من المعقول أن تستفيق أخلاق تاجر أعراض فجأة، بعد كل هذا العمر في أكثر مهن الدنيا انحطاطاً. وفي اليوم الأول لاعتقاله، قلت لصديق لي، سوف نقرأ بعد أيام عن انتحاره كما قرأنا في الستينات عن انتحار الدكتور وارد في فضيحة وزير الدفاع البريطاني جون بروفومو والعارضة كريستين كيلر. والدكتور وارد كان طبيب عظام شهيراً يؤمن اللقاءات السرية للمشاهير وأهل الهوى. وكانت على لائحة ضيوفه أسماء لها رنة. ولذا، فضلوا له أن يصمت لكي ترن أجراس المدينة.
يومها استقال بروفومو واعتزل العمل السياسي وأمضى بقية عمره متطوعاً في عمل الخير، في مجلس بلدي جنوب لندن. وقبل أعوام قليلة توفي، ثم توفيت كريستين كيلر، فقيرة منسية، عن 75 عاماً. حتى زاوية «في مثل هذا اليوم» في الصحف لم تنتبه إلى صاحبة الاسم في أشهر أغاني المرحلة: «أنا اسمي كريستين».
وهذا اسمه إبستين! والفضائح لا تكبر إلا إذا توفر لها شرطان: المال والجنس، وفقاً لما يأتي أولاً. وهو قانون يشبه إلى حد بعيد قاعدة المبارزة في أفلام رعاة البقر: يربح من يطلق الرصاصة الأولى.
وفي فضيحة إبستين مال بلا حدود وجنس بلا ضوابط. والقاصر في القانون الأميركي هي من لم تبلغ الثامنة عشرة، في حين كانت قصوره المنتشرة في أنحاء الولايات وسائر العواصم، تكتظ باللاتي لم يتعدين السادسة عشرة بعد.
ذات مرة في نيويورك، التقينا في فندق مع صحافي عربي معجب بنزار قباني. وكان مع الصحافي صديقة أميركية يريد أن يثير إعجابها، فراح يردد مقاطع من قصيدة نزار «صار عمري خمس عشرة»، وطلب مني أن أتولى الترجمة. وبعد مقطع أو مقطعين، وقفت السيدة غاضبة منسحبة تؤنبه: هذا شعر أم اعتداء على الأطفال؟.