بقلم: سمير عطا الله
لا أذكر في حياتي العادية، أو المهنية، رجلاً طغى ذكره كل يوم على أخبار لبنان، مثل وزير الخارجية جبران باسيل. منذ أن أورثه والد زوجته، الجنرال ميشال عون، رئاسة حزبه المعروف بـ«التيار الوطني الحر». لا يمرّ يوم، وأحياناً ساعة، من دون أن يثير السيد باسيل غباراً سياسياً من حوله. ويبدو أنه خلط رئاسة التيار برئاسة الجمهورية. لذلك، فهو يقضي في جميع شؤون لبنان، الخارجية والداخلية والبحرية والجوية. ويتصرف في العلن وفي الخفاء، على أنه شريك رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء. هو يمن ويمنح ويعطي ويقرر. وهو يرمي الرئيس نبيه بري بالنعوت برغم معرفته أن الرجل هو ميزان السلامة والأمانة.
لكن يتفهم المرء سلوك باسيل حيال بري عندما يسمعه يقول لمراسلة الـ«سي إن إن» في دافوس، إن على أميركا وبريطانيا أن تتلقنا درساً في الإدارة المالية من لبنان. أي منه. ومع باسيل ليست للبنان علاقات حسنة - أو مقبولة - مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وعدد من الدول العربية - لكن لنا علاقة مميزة مع جنوب أفريقيا وجمهورية الدومينيكان ودائرة الاغتراب اللبناني في لاس فيغاس، حيث ترأس السيد الوزير لقاءً لإقناع أهل المدينة بالعودة إلى جبال لبنان الشامخة!
الأمكنة التي لا يستحبّ معاليه زيارتها كثيراً، هي حيث يعمل 200 ألف لبناني على الأقل في الرياض، وضعفهم في سائر الخليج. ولحكمة واضحة فيه، يقدّم العلاقة مع إيران على كل علاقة أخرى، ويستقبل جواد ظريف في بيروت وكأنه يستقبل رفيق دراسة قديماً عاد إليه بذكريات الأيام الجميلة. سواء كان في بلده الأم أو في بلاد الانتشار - كما يسميها - لا بد من ظهور يومي وتصريح يومي وخطأ في حق أحد ما. رجل بمناصرين، ولكن بلا أصدقاء. وسياسي بخصومات كثيرة ومن دون صداقة مقنعة واحدة.
كيفما تحدث الوزير باسيل ينجح في خلق عداوة جديدة، وكيفما تحرك يحطّم إناء الخَزَف: المشكلة أنه كثير الحركة في الداخل والخارج معاً، يتجول في معاقل خصومه كل أسبوع وخلفه موكب سيارات، مؤلف من 20 في الحد الأدنى، و50 في الحد المطلوب. وعلى اللبنانيين أن يتابعوا كل يوم، وخصوصاً في نهاية الأسبوع، الدروس التي يقدمها بلغة عامية وركيكة، وكأنه يقتبس من أقوال الحكماء. كل يوم يعدهم بشيء جديد، أن يمننهم بشيء آخر. والنعمة الأكبر التي حلّت عليهم أنهم وُلدوا في عصره.