توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحلم 271

  مصر اليوم -

الحلم 271

بقلم: سمير عطا الله

«رأيتني لاعب كرة قدم في المنتخب، رغم حداثة سنّي وضآلة حجمي، ولكن سرعان ما جذبت الأنظار لمهارتي في المحاورة وإصابة الهدف، فراح المشاهدون يحرّضون أبطالهم على كَسري للتخلّص منّي، ووجدتُني محاصراً، وإذا بالكرة تأخذني وتصعد بي حتى ذُهلَت جميع الأعين وهي تتابعني، وما زالت الكرة تصعد بي حتى توارت بين السُّحب».
هذا هو الحلم رقم 271 من «أحلام فترة النقاهة» (دار الشروق) التي كانت آخر ما كتب نجيب محفوظ في سيرته الذاتية المليئة عطراً ومحبة وبساطة وهناء وفرحاً وأحلاماً. كان حلمه في البداية أن يصبح موسيقياً، ومن ثم أن يصبح لاعب كرة قدم، والحمد لله أنه لم يصبح هذا أو ذاك، وإنما صار كاتب العرب ومصدر أفراحهم، وأستاذهم في الحياة النقية والبسيطة.
يذكّرك الحلم 271 بالحالم الذي تراه أمامك الآن «حديث السّن وضئيل الحجم»، ومع ذلك «تأخذه الكرة وتصعد به حتى تذهل جميع الأعين وهي تتابعه، وما زالت الكرة تصعد به حتى توارت بين السّحب». ها هو محمد صلاح يخرج من حلم نجيب محفوظ مثل منحوتة طبق الأصل. صحيح أنه كان يكتب عن نفسه في سنواته الأخيرة، ولكنه كان كمن يقدّم أيضاً لهذه الظاهرة الإنسانية الرياضية الجميلة التي تشغل عالم الكرة، وتسرّ جماهيرها، وتفرح شباب مصر وهم يرون هذا «الضئيل الحجم الحديث السّن» يتنقّل بالكرة من هدف إلى آخر حتى صعدت به نحو السّحب.
نجوم العالم اليوم هم الذين يحقّقون النصر في المعارك من دون ضربة كفّ واحدة. وتهتف لهم الناس بقلوبها من دون أن تملأ الأجواء بالرصاص وأصوات الرشاشات. والجمهور البريطاني الذي يخاف من كيس متفجرات في الباص، أو من انتحاري سفيه في الـ«أندر غراوند»، يرى نفسه يصفّق بابتهاج لهذا المصري الباسم. تلك هي «القوة الناعمة» التي يمثّلها محمد صلاح، الريفي البسيط، على شاشات العالم وفي صحفه.
طوال عقود، تحدّث عالم الفنون في كل مكان عن صوت أم كلثوم وظاهرتها، مع أنهم لم يكونوا يعرفون لغتها أو حتى يسمعون أغانيها، إلا أنها سحرت الناس على طريقتها، وصارت جزءاً من تاريخ مصر المكتوب والمروي، مثلها مثل زعماء السياسة، وسحرت الآثار. هكذا فعل أيضاً الساحر نجيب محفوظ الذي كان حديث السّن وضئيل الحجم عندما حلم بأن يكون ذات يوم شيئاً من محمد صلاح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلم 271 الحلم 271



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon