توقيت القاهرة المحلي 08:35:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغربتان

  مصر اليوم -

الغربتان

بقلم - سمير عطا الله

أتابع شكاوى اللاجئين السوريين في ألمانيا: الأكثرية تشكو العزلة. الألمان شعب جدّي وجاف. مؤدب؛ لكنه ناشف! ذكّرني ذلك بهجرتي يوم كنت شاباً. نقمت على الفرنسيين لأن فرنسا لم تكن كلها في استقبالي. وركاب المترو لا يعرفون كم أنا حزين وعندي لوعة. ولا هم يعرفون كم يدمّرني هذا العتم الرمادي ويذكرني بشمس الضحى في بيروت.

اللاجئون لا يعرفون أن كل ألماني لديه من الهموم بحيث لا يجد وقتاً لزيارة شقيقه. ويشكو اللاجئ من جدار اللغة، ولكن هذا ليس ذنب صاحب البلد. إن بعض الجماهيريات العظمى لدينا رفضت الحرف اللاتيني على أسماء الطرقات وأسماء الأدوية.

هناك جدران كثيرة بين البشر. أقساها الشعور بالغربة، وفوقها الشعور بهوان اللجوء والهجرة القسرية من الوطن. هل نصدق رجلاً يعيش في برلين مطمئناً، عندما يريد القول إنه يحنُّ إلى مدينته المدمرة؟ ربما. أحياناً المشاعر أعمق من المشاهد.

ولكن هذا المضيف اقتحمنا عليه بيته بمئات الآلاف، وفرضنا عليه أن يعثر لنا على منازل ومدارس، وأن يؤمن لنا ثلاث وجبات في اليوم، وأكثر اللاجئين يتذمرون من «نوعية» الطعام: لا دسم فيه ولا «يخاني». أنا أيضاً سوف أشعر أنني في سيبيريا إذا كانت المدينة لا تعرف يخنة البطاطا. ولكن للغريب أن يتقبل عادات الناس؛ لا أن يفرض عاداته عليهم.

منذ عهد بعيد، لم تشهد الدنمارك رجلاً يذبح شقيقته في الشارع. أو هرة أو نعجة أو ثوراً. وفي الدنماركيين عادة سيئة أخرى، أنهم يأكلون بصمت، ولا يرسلون أصواتاً فرحة مثلنا علامة التذوق. أنا في هذا الموسم أبحث عن ورق العريش ذي الطعم الحامض؛ لكي أتمتع بأكل التبولة بيدي. لم أسافر مرة إلى بلاد الدنمارك خوفاً من أن أحرم هذه المتعة.

أصعب شيء في الحياة العزلة، والمؤانسة أكرم الخصال؛ لكن الصداقات لا تقوم بين ساعة وأخرى: مركب لاجئين يصل فيجد في انتظاره قطاراً محملاً بالأصدقاء، وطنّاً من الفولية بالرز وكبة الكرز.

أبسط واجبات العالم أن يترفق باللاجئين والغرباء؛ لكن لأهل البلاد أيضاً حقوقهم. إنها أرضهم وتاريخهم وحياتهم. ويجب أن نعلمهم كيف يحبوننا. 

منعت البندقية قبل أيام بيع الشاورما بسبب الروائح والجماليات. فليكن. هذه ليست قضيتنا. إنها حرب مع الشاورما.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغربتان الغربتان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon