توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجريمة والرهينة

  مصر اليوم -

الجريمة والرهينة

بقلم : سمير عطا الله

 منذ فترة طويلة أوقف الغرب العمل بحكم الإعدام. وكانت الدول المقرّة قد توصّلت إلى هذه القناعة لسببين رئيسيين: الأول أنه يتم الاكتشاف أحياناً بأن الذي نُفّذ به الحكم، بريء. والثاني أن الهدف من الإعدام هو الردع وتخويف المجرمين، ولكن الدلائل أثبتت أن نسبة الجريمة لم تنخفض، بل ارتفعت أحياناً وظلت السجون تمتلئ بالذين ينتظرون دورهم في المشانق.

التزمت بعض الولايات الأميركية هذا الخيار، وتخلى عنه البعض الآخر، وظلت النتيجة متساوية في الحالتين. الدول الإسلامية التزمت الشريعة والقول الكريم «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب». الاتحاد السوفياتي السابق ذهب في اتجاه آخر. فقد تبين للأميركيين من دراسة الميدان بعد انسحاب السوفيات من أفغانستان، أن الألغام التي زرعها الروس في كل مكان صُنعت بحيث تبتر من دون أن تقتل.

وعندما سُئل الروس عن الفكرة من وراء ذلك، وما إذا كان الهدف هو الرحمة، تبين أنه العكس. فالذي يفقد عزيزاً ينساه بعد وقت ولا يعود يتحمل مسؤوليته، أما المبتور الساقين، أو اليدين، فسوف يظل يعاني، وجميع من حوله يعانون. وهذا حكم قاس مدى الحياة. وبالتالي فإن الخوف من مثل هذا المصير سوف يردع المتحمسين للحرب ويخفف من غلوائهم. لكن هذا أيضاً لم يحدث ولم يشكل عظة أو أمثولة.

الذي حدث، في حالات كثيرة، هو العكس. فرؤية الضحايا في الحرب جعلت الآلاف من العسكريين الأميركيين والسوفيات يدخلون المصحات النفسية بعد عودتهم إلى الحياة المدنية. وكان يُخيل إليّ أن الشيء الوحيد الذي سوف يقف بين القاتل وضحيته هو ليس الرحمة، بل تقاليدها التي لا يمكن أن تخالف، والتي تحول المهاجم المرتكب إلى نبيل يُظهرُ عفوه بدل سكّينه. خاب الظن كثيراً عندما طعن إرهابي كاركاسون الفرنسية العقيد أرنو بلترام، الذي عرض أن يحل محل الرهينة، فتلقى سكيناً في عنقه، وكان أقل حظاً من نجيب محفوظ.

ليس القتل ما لفت نظري، ولا الهجوم الإرهابي، ولا شجاعة بلترام، ولا الإصرار على الجريمة، وإنما الموقف العربي من المسألة في الصحافة والإعلام والسياسة، كأنما الأمر لا يعنينا في شيء، كأنما هذا الغدر ليس خروجاً على آداب وأخلاقيات أمّة برمّتها. من سيقنع الفرنسيين أن هذا الإرهابي سينتمي إلى أمّة صلاح الدين، الذي فاوض عدوه في ذروة الحرب الصليبية؟

الردع الأهم هو المشاركة الجماعية في تجريم الجريمة. لا مأساة تمر بهذا الإهمال واللامبالاة والتنصل من المسؤولية العامة. الذي قرأ نشرة الأخبار ذلك اليوم ولم يبلغ سامعيه أن ثمة من قتل الخُلق العربي في كاركاسون، شريك أساسي في مأساتها.

نقلاً عن الشرق الآوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجريمة والرهينة الجريمة والرهينة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon