بقلم - سمير عطا الله
أعتقد أن جميع القادمين إلى البحرين يخامرهم شعور متشابه، وهو أنهم عائدون إليها، وليسوا قادمين. أو لعله، على الأقل، شعور القدامى من عارفيها. فهي تتطور كثيراً لكنها لا تتغير أبداً. وهذه سمعة قديمة للجزيرة بين أهل الخليج. وقبل أن نصل إلى الفندق بقليل، أشار السائق إلى سور أبيض متوسط الارتفاع، وقال، كأنه يشير إلى أثر قديم: «هنا كانت السفارة القطرية».
كنت أعتقد، بعد كل هذه السنوات الطويلة مع أهل الخليج، أنه من المستحيل أن تعثر على من لا تسحره مودّات البحرين وتواضعها. لكن ها هو السور الأبيض في قلب المنامة، يحكي في صمت، قصة طويلة من قصص الأخوة والجوار الشائعة في العالم العربي، من أقصى المغرب في جبال العرب إلى هذه البقعة في خليج العرب.
ولم يكن كتّاب البحرين من قبل يشيرون كثيراً إلى عروبة بلدهم باعتبارها حقيقة لا لزوم لتكرارها. لكنني وأنا أقرأ الصحف على الطائرة، لاحظت أن العروبة أصبحت لازمة مثل النشيد الوطني، كأنما لا بد من حماية الهوية التاريخية.
ويفهم من مقال لسعيد الحمد في «الأيام» أن تشديد الهوية عاد ليظهر في موجة الأسماء، التي يتقدمها اسم «محمد»، ويعرض متغيرات التعبير من خلال التسمية بالقول إنه شاعت في الستينات الأسماء التي تدل على «التمدن»، مثل نبيل وسمير. لكن السبعينات شهدت العودة إلى الأسماء التقليدية. وكان بعض الآباء يختار اسما مطابقاً للممثلين. فإذا كان هو عبد العزيز، سمّى مولودته لبنى، لكي تصبح بذلك «لبنى عبد العزيز» مثل بطلة «الوسادة الخالية». ثم شاعت موجة أسماء الحكام العرب مثل جمال وعبد الحكيم. وفي الثمانينات درجت الأسماء الإسلامية مثل أبو الحارث وأبو القعقاع.
يضيف الحمد أن اسم محمد ظل في البحرين الأكثر شيوعاً «والعودة إلى الأسماء التقليدية في البحرين مستقرة بكل ما تحمل من رمزية ومن نكهة ومن ذكرى وذكريات».
وكنت قد رويت قبل سنين ما حدث لي في الكويت عندما ذهبت لمقابلة مدير أحد البنوك على أساس أن اسمه سمير النفيسي. وبادرته بالتحية «مرحبا سمير»، فقال معتذراً «خوي أنا لم أعد سميَّك. لقد أصبح اسمي خالد. لأن اسم سمير، بلا مؤاخذة، خفيف، وليس مثل خالد أو طعان». واعتذرت منه على سوء الفهم وسوء التسمية.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع