بقلم: سمير عطا الله
في الأسبوع الأخير من عهده، سُئل باراك أوباما عن الكتب المرجعية التي كان يعود إليها دائماً، قال الكتب التي ترسخ فيه صورة ومعاني الأميركي الأسود. لا بد أن بعضها كان مؤلفات توني موريسون (نوبل 1994)، التي غابت الثلاثاء الماضي عن 88 عاماً، وعمر في الرواية والأدب والنقد. هناك أدب رائع يمكن تسميته «أدب اللون». أو أدب القهر والعذاب والألم والعبودية. وكان له مؤلفون ومؤلفات. يحضر دائماً في المقدمة جيمس بولدوين وآرثر هيلي. وتتقدم المؤلفات مايا أنجلو وتوني موريسون. والفارق النسبي هو في مدى الروعة والبساطة في غور ذلك العالم الحزين الذي عاش عقوداً في منفاه الداخلي والخارجي، إلى أن خرج من قشرته وبدأ يروي ما لا يروى.
بالنسبة إليّ، تعلقت بأعمال مايا أنجلو أكثر من موريسون: «الآن أعرف لماذا تغرد الطيور في أقفاصها» و«على نبض الصباح»، وأعتقد أن شاعريتها في رسم الحياة الزنجية أكثر بساطة وجمالاً من صور موريسون. وقد حاولت موريسون أن تلعب لعبة «السحر» أو الفانتازيا التي أبدع فيها غابرييل غارسيا ماركيز. ويرى نقاد أنها نجحت في ذلك. وفي أي حال فإن كل الأدب «الزنجي» الأميركي قائم على مأساة العبودية التي استمرت فيما بعد من خلال «الغيتو» الأسود.
وفي هذا الغيتو، وبعيداً عن قهر الرجل الأبيض، كانت الحياة مأساوية أيضاً، يهدها الفقر والعذاب وأسر القيم المتهاوية. ولذلك كان لهذا الأدب إيقاع واحد هو الشكوى والتمرد، كما نراه في أعمال جيمس بولدوين الذي انتهى هارباً من هارلم في نيويورك لكي يعيش في حريات جنوب فرنسا. لكنه حمل معه إلى الجبال الفسيحة والمتسامحة بشرة لا يستطيع تغييرها، وذكريات لا يقدر على اقتلاعها من ذاته. إنها مثل الظفر، تقصه، وتدفعه جذوره من جديد.
كل ذلك كان في آداب القرن العشرين. أشياء كثيرة تغيرت في حياة الأميركي الأسود الذي حل محل إبراهام لنكولن في البيت الأبيض. أو حيث أصبح بعض فنانيه الأعلى أجراً في البلاد. أو حيث يتقدم الرجل والمرأة الأفروأميركيين في الكونغرس وحاكمية الولايات ومهنة المحاماة. لكن الأدب نفسه لا يزال يغرق من أحداث الماضي. حتى الكوميديا الزنجية لا تزال قائمة على ثقافة الاضطهاد وتاريخ اللون.