توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس آخر من بلاد جاسيندا

  مصر اليوم -

درس آخر من بلاد جاسيندا

بقلم: سمير عطا الله

غرقنا جميعاً في سرعة المتابعة لمجزرة نيوزيلندا. وفي السرعة تغيب عن بال الناس أشياء كثيرة. ومع الوقت نبدأ في قراءة العبَر والنتائج. لقد رحب العالم بقرار جاسيندا أرديرن حجب صورة السفاح على أنه عقاب عاطفي نبيل. وهذا ما أرادته هي بكل صدق وكبرياء.
لكننا نرى اليوم أنها أحدثت سابقة عالمية بالغة الأهمية في عصر التوحش التكنولوجي. إنها لم تحرم السفاح وحده من الدعاية والظهور، بل جميع الإرهابيين. فالإرهاب يعتمد، بالدرجة الأولى، على نشر الرعب والخوف، وقبل أن يهيئ أي شيء، يعدّ الكاميرا والمصورين ومهندسي الإضاءة. وعندما أطلّ البغدادي للمرة الأولى معلناً «دولته»، جعل ذلك في أفضل إخراج سينمائي ممكن. وتناقلت القنوات التغطية كما لو أنها جزء من إعلام «داعش». لكنها ستفاجأ بعد قليل بأن المخرج لا يتوقف عند نقطة محددة من التوحش: ها هو يصور إحراق الطيار الأردني حياً في قفص حديدي، والداعشي البريطاني العملاق يبتسم للكاميرا وهو يقطع رأس ضحيته.
بعد أشرطة «القاعدة» على «الجزيرة»، تعلم «داعش» من الإعلام. وازدهرت صناعة القتل، مرفقة دوماً ببيان بليغ. ولم يحمل السفاح الأسترالي بياناً؛ بل دراسة كاملة. إلا إن كل ما أعدّه للشاشات، أحبطته جاسيندا أرديرن. وبدل أن يلاحق الإعلام كالقطيع، أخبار الجريمة، رأى نفسه هذه المرة يبحث عن «الإثارة» في الخير والحق والخلق. ورأينا البطل الأول سيدة في ثياب الحداد، ومدينة مسيحية تعتمر الحجاب تضامناً مع ضحايا المسجدين. ورأينا الفرقة الوطنية ترقص استنكاراً لما حدث على أرض البلاد.
لقد خطفت جاسيندا أرديرن من الإرهابي الأضواء التي خطط لها بكل دم بارد ورقيع. هذه عبرة شديدة الأهمية في الحرب على الإرهاب. امنعوا عنه الدعاية. إنه عدو للإنسانية وليس جزءاً منها. حاولوا قدر الإمكان أن تطفئوا أضواءه أينما كانت: شاحنة ساحقة في برلين، أو قتل جماعي في النرويج، أو متفجرة في جزيرة بالي.
هناك أسلحة كثيرة يمكن سحبها من الآيديولوجيا الإرهابية؛ أولها المال، وثانيها الدعاية. الأشرطة التي فازت «الجزيرة» حصرياً ببثها، كانت تذاع على أنها أشرطة أبطال ومقدّسين. وقد تساوت في برامجها المباشرة أخبار الشعوب والأمم، وأخبار مفجريهم. وصار المقياس المهني في العالم العربي أن تكون نشرات الأخبار بشارات مفتوحة بالموت والدمار.
لا أخبار للحياة في العالم العربي. بعد نيوزيلندا، عرف العالم ما معنى ودور وتأثير الدعاية. الخطر ليس فقط في الإعلام المزيّف، أو الكاذب؛ بل خصوصاً في الإعلام المحرّض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس آخر من بلاد جاسيندا درس آخر من بلاد جاسيندا



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon