توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثقة الهاربة

  مصر اليوم -

الثقة الهاربة

بقلم: سمير عطا الله

من الصعب أن تكون صحافياً في بيروت، هذه الأيام، وتكتب عن أحداث أخرى. ومن الصعب أن تكون لبنانياً تمرّ أمامه هذه المشاهد، ويمكنه التفكير في قضايا أخرى. فمنذ أربعة أشهر، ولبنان يغلي ويقترب من جميع حافّات الانهيار، المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. طرقاته مقطوعة، ومؤسساته مغلقة، وإفلاساته كثيرة، وهجرته مؤلمة، وجيشه في الطرقات يحاول ما يستطيع، ضبط سلامة الناس وسلامة البلد. والسلطة تتفرّج مثلنا تماماً، نحن العاجزين عن أي شيء سوى المشاهدة. لكنّ الفرق بينها وبيننا، أنّنا نتألّم ونشعر ونحسّ ونخاف ونأسف، وهي تكتفي بما اكتفت به على الدوام: حسن المتابعة.
المشكلة في تظاهرات أمس، أنّ الحراك الشعبي ذهب إلى العنوان الخطأ. فقد اعترض المتظاهرون على نوّاب هم مَن انتخبوهم. وضربوا حصاراً هائلاً حول برلمان لا يزال، هو ورئيسه، المرجع الصالح الوحيد والمتوازن في غمرة هذا الحراك العارم والثورة اليائسة والمنظومة السياسية القاصرة عن إدراك الهاوية التي دفعت البلد إليها. كان عنوان تظاهرات أمس، الثقة ومنعها عن الحكومة. لكنّ الحقيقة أنّ لا ثقة في أي أحد، أو في أي شيء. ولا مرجعية يعود الناس إليها بحثاً عن شيء من الطمأنينة، وإنما حالة انهيار كامل تقابله سلطة غائبة غياباً تامّاً. لعب رئيس البرلمان، نبيه برّي، في أحلك الساعات، دور الوسيط العاقل عندما يفقد السياسيون توازنهم، كما أظهر الشجاعة والحكمة كلّما تزداد الخفّة الوطنية وقباحة الأنانيات. والمعركة التي جرت أمس حول موضوع الثقة بين المتظاهرين وبينه، فيها شيء من التعميم غير العادل. وليس من المنطق أو العقل أن يبقى لبنان معلّقاً هكذا بين ثورة الحقوق وغفلة السلطة. لا بدّ من حكومة، ولو ضعيفة. ولا بدّ من مرجع سياسي، ولو افتقر إلى التمثيل الوطني في مثل هذه اللحظة الحرجة. ولا بدّ أيضاً من هدنة ينصرف فيها ما بقي من مؤسسات، إلى الحفاظ على ما بقي من أمل.
يقول اللبناني في نفسه، وأحياناً في العلن، إنّه أفضل من أشقائه في العراق مثلاً، حيث يُرشق المتظاهرون بالرصاص بدل مياه الخراطيم. ولكنّ اليأس واحد في كلّ الحالات والفارق أحياناً هو حجم الفساد، الذي يتعدّى المليارات في بيروت وبغداد. وما من أحد لا يعرف أسماء الفاسدين وأحجام السرقات، لكن يبدو أنّ الوحش الأقوى هو تكتّل الفاسدين المتجذّرين في جميع الهياكل العامّة. ومعظم الذين يعلنون الحرب على الفاسدين، هم من أركان الفسق الوطني والاعتداء على حقوق الناس، واستغلال الجماعات الطيّبة لغايات شخصية رخيصة ومفضوحة. لعلّ ما يجري من محاكمات وأحكام في الجزائر ومصر، يفتح نافذة صغيرة من أجل استعادة الثقة، ليس في البرلمان، وإنما في جميع مؤسسات الدولة اللبنانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقة الهاربة الثقة الهاربة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon