توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصاد

  مصر اليوم -

الصاد

بقلم - سمير عطا الله

تابعت محنة فتيان الكهف في تايلاند منذ اللحظة الأولى حتى اليوم الأخير. رأيت فيها امتحاناً بشرياً مثيراً، لا خبراً من الأخبار العاجلة: كيف سوف يصمد أولئك الشبان على حافة اليأس والأمل وهم يعانون أسوأ المشاعر: الخوف، والبرد، والغرق، والظلام، والمجهول؟

وكيف ستتصرف دولتهم وشعبهم ودول وشعوب العالم القادرة والمؤهلة للمساعدة؟ وكم منهم سوف يُنقذ، وكم يمكن أن يتمادى سوء طالعه في مطاردته في هذه الزنقة الرهيبة بين الفيضان والطوفان والسقف الحجري المطبق على المحتجزين؟ في البداية، قيل إن المسألة طويلة قد تستغرق عدة أسابيع. وتذكرت حادثة وقعت في تشيلي قبل سنوات عندما احتجزت مجموعة كبيرة من عمال أحد المناجم لفترة طويلة. يومها قال رئيس المجموعة بعد إنقاذها إن همه الأول طوال الوقت كان تشجيع رفاقه على الصبر والصمود.

هذه اللغة العبقرية تبدأ من حروفها، لا من جملها. ابحثْ عن حرف «الصاد» ترَ أنه حرف الصلابة... «الصبر» و«الصمود»، وكدت أقول «التصدي» لولا أننا في مرحلة مديدة سخّفنا معنى الكلمة، وأفرغناها من جبروتها ومعناها، وحولناها، مثل معظم الأشياء النبيلة في حياتنا، من صخور إلى حصى. لاحظ دور الصاد: الصخر، وقد تفتت. الخصب، وقد تصحر. الصوت، وقد صمت. الصمود، وقد انصاع. والأمل، وقد استعصى!

ليس العدد دائماً الأهم. الإثارة التي عمّت العالم كانت في (أيضاً الصاد) «عناصر» الحدث. الطبيعة فجأة تخرج على نظامها في كل مكان: العشرات في اليابان يموتون غارقين في طين الفيضانات، وأوروبا تطوف في عز الصيف، وموجة حر قاتلة تجتاح كندا؛ بلاد الجليد والثلج، والأعاصير المألوفة تبدأ تحركها المريب في الولايات المتحدة، مكررة الهبوب المجنون... وماذا أيضاً؟ أجل. «صاد» العواصف.

كل عربي يشعر في نفسه بعقدة ذنب: كيف يمكن أن تأخذ مشاعره محنة بضعة فتيان في أقصى آسيا، ونحو 300 ألف إنسان إضافي في جنوب سوريا يغبطون أهالي الكهوف على أن سقفاً ما فوق رؤوسهم، وفرق إنقاذ تتطلع إليهم، وثمة مكاناً يعودون إليه عندما تزول الـ«صـ»عوبات.

على مدى 20 يوماً أعطى التايلانديون العالم درساً يومياً في اهتمام الدولة بمواطنيها... جيش وطيارون وغطاسون وأطباء وشعب بأكمله ينتظر بصبر وقلق أن تنجح حكومته في تحدي العناصر. وقد فعلت. التفّت على الفيضان، ودارت حول الكهف، وغطست في المياه، وطارت بالهليكوبتر، وصبرت وصمدت وتصدت... وأصابت.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصاد الصاد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon