توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلغاء الحكماء أيضاً

  مصر اليوم -

إلغاء الحكماء أيضاً

بقلم: سمير عطا الله

أصرّ المعترضون في لبنان منذ اللحظة الأولى على «حكومة مستقلّة»، ويدلّ هذا على براءتهم وعدم انتمائهم إلى سياسات لبنان. فالمتغيّر الأكبر في البلد أن السلطة السياسية ألغت في السنين الأخيرة كل ما، ومَن هو مستقل. تفرّق الناس على الأحزاب والطوائف والجبهات، فغابت غياباً كلّياً تلك الطبقة التي كانت تشكّل أكثرية اللبنانيين. لحق المثقفون والمتعلمون بالأحزاب، التي احتكرت توزيع المناصب والهبات والفوائد. وكل فرد مستقل أصبح يشعر أنه لا يمثّل شيئاً ولا مكان له في بلده، فالمواطن المثالي اليوم هو المواطن التابع من غير تساؤل. وهو المواطن الذي يؤمن، دون تردد، بإلغاء المواطن الآخر.
ليست الزعامات شيئاً جديداً في لبنان، ولا التجاذبات ولا الاستقطاب. الجديد فيه الآن هي الوقاحة التي لا حدود لها. ولطالما كانت المحسوبيات جزءاً من الهيكلية اللبنانية، لكن لم تكن في أي مرحلة بمثل هذا الطغيان الجشع الذي لا يكتفي ولا يشبع. ولطالما كان الانتماء إلى قوة ما، شرطاً من شروط الوصول، لكنه لم يكن مرة كاسحاً كما هو الآن، شاملاً، لا يوفّر مؤسسة خاصة أو عامة، بما فيها القضاء، الذي يُفترض أنه السند الأخير للمواطنين الذين لا سند لهم.
كانت في لبنان على الدوام مجموعة من الناس المتعددي المشارب والمواقف، الذين يُعرفون بالـ«حكماء»، يؤخذ برأيهم في الشدّة وعند المفترقات، وهؤلاء لم يعد لهم وجود الآن. وقد أكّدت المحنة الحالية هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى. ويشعر اللبنانيون بالخوف من هذا الفراغ، لأنه أكثر عمقاً وأثراً من فراغ حكومي عابر أو متكرر. منذ عقود طويلة واللبنانيون يرددون نغمة «تغيير النظام» كما يفعلون اليوم. إلا أنهم الآن أكثر تحديداً، عندما يطالبون بـ«تغيير السلطة السياسية»، وفي الحالتين، المطلب الحقيقي هو تغيير وجوه النظام ووجوه السلطة. فإن بعض هذه الوجوه هو الذي أساء إلى السلطة والنظام والدولة وسمعة لبنان برمّتها.
هذا الخواء الفاحش من الحكماء، دليل على السلوك الإلغائي المراهق الذي سيطر على البلد وأفقد المؤسسات الضامنة جدواها وفاعليتها، بل معناها في أساسه. إن غياب المستقلين كوجود توازني في الأزمات الكبرى، حتى في الحياة الطبيعية، يضع البلد دائماً على شفير الانفجار وحافة الهاوية، بحيث تصبح كل أزمة أزمة وجودية، وكل خلاف حكومي خلافاً وطنياً، وكل نزاع حول الحصص والمغانم والمكاسب والسمسرات والسرقات خوفاً على الوجود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلغاء الحكماء أيضاً إلغاء الحكماء أيضاً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس

GMT 10:21 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يفرض سيطرته على الدوريات الكبرى برقم مميز

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الخمس 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:19 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

تعرفي على 5 طرق مبتكرة للتنظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon