بقلم - سمير عطا الله
«لستُ شخصاً سياسياً بحيث أصدر الأحكام»! والسيدة التي تكتب هذا الكلام هي ميشيل أوباما؛ الأميركية الأولى لثماني سنوات، أول أفرو - أميركية في البيت الأبيض، زوجة الرجل الذي لم يتردد لحظة في أن يحلم بالرئاسة في أكبر دول «الرجل الأبيض»؛ هو ابن مسلم من قبائل كينيا.
إذن؛ بالدرجة الأولى، ميشيل أوباما ليست سيدة أميركا الأولى؛ بل سيدة باراك حسين أوباما، الأولى... زميلته في المحاماة، وخريجة هارفارد وبرنستون في الحقوق، وقادمة من عائلة أكثر تواضعاً من عائلة زوجها. ومع ذلك، ها هي تقول إنها لا تفقه في السياسة.
إنها تفقه الكثير في الشجاعة. وعنوان كتابها، «الصيرورة»، يعبّر عن طباع المرأة التي لا تزال تخوض معارك اللون وحقوق المرأة وهموم الضعفاء. ولذلك، وجدت في دونالد ترمب خصمها الأول. وكانت لا تزال في البيت الأبيض عندما أعلن المرشح الجمهوري موقفه من السود والنساء والمهاجرين. وعندما جمعت طاقم الموظفين التابعين لها، وكلهم من الأقليات، يوم الوداع في البيت الأبيض، «انفجروا جميعاً بالبكاء، شعوراً منهم بالهشاشة والضعف».
لم أقرأ من كتاب المسز أوباما سوى ما نُشر من فصول ترويجية. لكن سيرتها معلومة للعامة، وإن كانت ستضيف لها تفسير مشاعرها وأهمية يومياتها، كامرأة سمراء نشأت في بيت متواضع في شيكاغو، حيث التقت زميلها باراك في أشهر مكاتب المحاماة بالمدينة.
كان من الصعب على ميلانيا ترمب أن تملأ الهالة النخبوية التي تركتها ميشيل أوباما، فلا يجمع بين المحامية والعارضة السابقة سوى ملامح الجمال، كل بلونها. ولعل ميلانيا أجمل زوجة دخلت البيت الأبيض، لكن ليس الجمال ما كانت تباهي به زوجات الرؤساء، وإنما مدى الانتماء إلى العمل الاجتماعي، وحتى السياسي. ولم تُشوَّه صورة ريتشارد نيكسون التاريخية بسبب فضيحة «ووترغيت» بقدر ما شُوِّهت بعد وفاته عندما تسرَّب أنه كان يضرب زوجته في ساعات الغضب.
ويتعلق الأميركيون كثيراً بالصورة العائلية لزعمائهم. ومن الصعب الفصل في الأذهان بين الرئيس وزوجته في الحياة العامة. وهذه مسألة ثانوية في فرنسا، أو أي بلد آخر. فالرئيس السابق فرنسوا هولاند دخل الإليزيه وهو أب عازب، وخاضت أم أبنائه معركة الرئاسة وهي أم عزباء.
سوف تقرأ أميركا قصة ميشيل أوباما كما قرأت قصة باراك أوباما من قبل: حكاية الأميركي العادي الذي يمكِّنه سعيه من أن «يصير» أميركياً استثنائياً. ولن تعبُر ميشيل أوباما العتبة إلى العمل السياسي الذي لا تحترمه كثيراً. ولن تخوض «معركة الرئاسة أبداً على الإطلاق». لكن معركتها ضد ترمب لن تهدأ.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع