توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفاهة أو تسخيف

  مصر اليوم -

تفاهة أو تسخيف

بقلم - سمير عطا الله

أصدرت «دار الساقي» مؤخراً الترجمة لأحد أشهر الكتب، لإحدى أشهر المحاكمات، لإحدى أشهر كاتبات الغرب: «إيخمان في القدس، بقلم حنة أرندت». العام 1961 أرسلت مجلة «نيويوركر» المفكرة الألمانية حنة أرندت إلى القدس، لتغطية محاكمة أدولف إيخمان، النازي الذي خطفته إسرائيل من مخبئه في الأرجنتين، لكي تقدمه للمحاكمة بتهمة القتل الجماعي لليهود الألمان في ظل هتلر. كانت إسرائيل تتوقع - وهذا ما حدث إلى حد بعيد - أن تثير المحاكمة تعاطف العالم واستنكاره للهولوكوست من خلال شهادة إيخمان، المتهم الوحيد الذي حكم في إسرائيل بالإعدام ونفذ فيه الحكم.

غير أن رسائل أرندت ذهبت في اتجاه آخر: لم تبرئ إيخمان من القتل الجماعي وأفران الغاز، لكنها قالت إن بن غوريون أعد المحاكمة بحيث تكون صوراً مشهدية مثيرة، أما إيخمان نفسه، فإنسان عادي، أحياناً أقل، وتافه الشخصية. مهما كان الذي ارتكبه فهو لم يكن عبقري الشر؛ بل مجرد شرير عادي، لبّى الأوامر المعطاة له من دون أي تفكير أو تأمل.

أثارت كتابات أرندت الجالية اليهودية في أميركا. وحرّم بعضهم كتابها الذي ضم تلك المقالات. ورأى فيها البعض أنها «مجرد يهودية تكره ذاتها». أي تعاني من كره الذات. ووظفت 4 مؤسسات يهودية أفرقاء من الباحثين لمراجعة الأخطاء في الكتاب مهما كانت ثانوية. وانتقد كثيرون وصفها للمحاكمة بأنها مشهدية، أو استعراضية. وفي فرنسا تساءلت مجلة «النوفيل أوبسرفاتور» بعد عرض الكتاب: «هل أرندت نازية»؟

وقال ناقد إسرائيلي مهاجر حديثاً من أميركا، إن أرندت تحمل السم ضد اليهود؛ سواء في أوشفتز وفي القدس. ولم تصدر في إسرائيل أي ترجمة كاملة للكتاب. وصدرت كتب ومقالات كثيرة تقول إن كراهية أرندت مولودة، بدليل علاقة الحب التي ربطتها بأستاذها النازي الكهل مارتن هدغر، الذي كان متزوجاً وأباً لولدين.

صدرت ترجمة «دار الساقي»، الممتازة والمدققة كما هو معهود، تحت عنوان فرعي هو «تفاهة الشر». غير أنني أعتمد - ربما مخطئاً - «تسخيف الشر». وقد شغلني هذا الأمر سنوات عدة، وأعتقد أن هذا ما قصدته أرندت التي ترى فظاعة بطلها في «عاديته» لا في تميزه مثل القتلة العتاة الذين يعيشون بيننا، ويركبون إلى جانبنا في الحافلة، باحثين عن الكلمة المناسبة في شبكة الكلمات المتقاطعة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفاهة أو تسخيف تفاهة أو تسخيف



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon