بقلم: سمير عطا الله
لعل أفضل سيرة، أو أفضل نقد، حياة المؤرخ والعالم البريطاني هـ. ج. ويلز، كتبها ويلز نفسه في عام 1936 حين كان في السبعين من العمر، ونشرها تحت عنوان «الراحل هـ. ج. ويلز». ومن الفقرة الأولى في الكتاب يبدو لنا أسلوب ويلز الذي هو مزيج من الخيال والواقع، إذ يقول:
«إن اسم هـ. ج. ويلز، الذي توفي أمس عن 97 عاماً لن يعني الكثير بالنسبة إلى الأجيال الشابة. لكن أولئك الذين لهم ذاكرة تعود بهم إلى العقود الأولى من هذا القرن قد يتذكرون عناوين بعض الكتب التي وضعها، بل قد يعثرون في بعض العليات القديمة على نسخة أو نسختين منها. لقد كان، في الحقيقة، أحد الكتّاب الكثيري الإنتاج في عصره. وهو لم يضع الكتب بنفسه، بل ثمة كتب وُضعت عنه أيضاً. إن الفهرس الذي يحمل اسمه في غرفة المطالعة في المتحف البريطاني، وهي غرفة سوف تهجرها الناس قريباً، يضم أكثر من 600 عنوان».
«كان - والكلام لا يزال للمؤلف نفسه – من عائلة متواضعة. فقد كان والده بستانياً، أصبح صاحب مخزن. أما أمه فهي ابنة موظف فندقي، وكانت قبل زواجها وصيفة لإحدى السيدات».
كان هـ. ج. ويلز يصر على إعلان حاله الاجتماعية لكي يؤكد أنها لم تؤثر في حياته. وبسبب فقر العائلة الشديد لم يستطع الحصول في البداية على الكثير من الدراسة. وكان يعتقد أنه سوف يصبح بقالاً مثل أبيه، لكن وهو في الثامنة من العمر كُسرت رجله واضطر إلى البقاء في المنزل حيث اكتشف عالم الكتب وراح يلتهم تشارلز ديكنز وواشنطن ايرفينغ. في الثالثة عشرة من العمر عمل في إحدى الصيدليات، وفي الخامسة عشرة انتقل إلى العمل في مصنع للبرادي، ثم عثر على وظيفة ناظر في إحدى المدارس، فأخذ يعمل ويتعلم، إلى أن نال إجازة في العلوم من جامعة لندن وهو في الحادية والعشرين من العمر.
تزوج ويلز من ابنة عم أحبها يافعاً، لكن الزواج لم يدم طويلاً فانفصلا بعد عامين، وتزوج امرأة أخرى رزق منها بصبيين. ترك ويلز مجموعة من المؤلفات التي اتخذت مكانة عالية، بينها «الرجل الخفي» و«حكاية الزمن والمسافات»، كما وضع روايات ناجحة مثل «كيبس» (Kipps) و(Tono Bungay). لكن لعل أهم إثارة «موجز للتاريخ».
وقد بيع من هذا الكتاب نحو أربعة ملايين نسخة باللغة الإنجليزية وحدها. كما وضع وهو في الرابعة والسبعين كتاباً مهماً آخر هو «النظام العالمي الجديد». ولدى بلوغه الخامسة والسبعين كان قد ألف 90 كتاباً، وفي السادسة والسبعين نال شهادة الدكتوراه في العلوم.