بقلم - سمير عطا الله
ذهبت مرة أغطي الانتخابات الألمانية، فوجدت أن لا شيء يستحق الكتابة عنه. لا مرشحون مضحكون مثل فرنسا، ولا مرشحات تعرية مثل إيطاليا. المرة الوحيدة التي خرج فيها الألمان عن صرامتهم كانت عندما انتخبوا سائق التاكسي يوشكا فيشر زعيماً «لحزب الخضر»، ثم وزيراً للخارجية في بلاد «الرايش»، وأقرب ترجمة لها «مهد الإمبراطور»، أو أيضاً «الغنى». لكن ذلك ليس ضرورياً. اثنان من كبار مستشاريها، فيلي برانت وهلموت شميت، كانا لقيطين. ومؤسس نهضة ما بعد الحرب، كونراد أديناور، كان معلم مدرسة. الاثنين أعلنت المستشارة أنجيلا ميركل عزمها الخروج من السياسة «لأن الناخب الألماني أظهر أنه يريد التغيير».
يتبع الغربيون نظام الاقتراع ليعبّر المواطن عن رأيه. الناخب الذي يقترع في العالم الثالث للزعماء مدى الحياة، أسقط في الغرب ثلاثة من أهم قادة القرن العشرين: ونستون تشرشل، شارل ديغول، ومارغريت ثاتشر. وها هو يقيل أبرز قادة هذا القرن، الفراو أنجيلا.
عرفت أفريقيا المستقلة نحو 200 رئيس: أربعة فقط ذهبوا إلى منازلهم يوم التقاعد. وفي الجزائر اليوم ثمة من يطالب بولاية أخرى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفيما تفيق مدن ألمانيا يوم الانتخابات وكأنها لا تزال غارقة في النوم، منَّن لبنان الكون بأجمعه أنه ذهب إلى الانتخاب بعد 9 سنوات. وليست انتخابات كيفما كان ومثل سائر البشر، بل بمقتضى قانون النسبية الذي لم يفهمه أحد حتى اليوم. إذ بموجبه فاز مرشحون نالوا 70 صوتاً أو 300 صوت، وسقط الذين نالوا ستة أو سبعة آلاف. لكن النسبية نفسها نجحت، والحمد لله.
ما بين 1980 و2018 قادت معظم سياسات أوروبا سيدات. حكمت مارغريت تاتشر بريطانيا العظمى لأكثر من عقد، وقادت ميركل الرايش أكثر من 13 عاماً. وتزعمت كلاهما الحزب المحافظ لأكثر من عقدين. وضعفت الأولى بسبب ازدرائها للطبقات المتواضعة، وخسرت الثانية بسبب اندفاعها في قضية المهجرين. لعل في ذلك ما يذكر ببداياتها: عضو في الحزب الشيوعي في ألمانيا الشرقية.
نقلا عن الشرق الاوسط