توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة المتوكلة

  مصر اليوم -

الدولة المتوكلة

بقلم - سمير عطا الله

حاولت، من خلال أبحاث محدودة، أن أعرف من هي أول دولة، أو حكومة، طبّقت، أو ابتكرت، نظام «الضمان الاجتماعي». للأسف لم أتوصل إلى خلاصة مؤكدة. لكنه في الولايات المتحدة، مثلاً، مرتبط باسم الرئيس فرانكلين روزفلت (1932)، الذي ظل الأميركيون يجدّدون انتخابه حتى وفاته (1945). وعلى قول أحد الكوميديين، إلى ما بعدها.

لم يستطع روزفلت حسم الحرب العسكرية، لكنه ربح الحرب ضد أن يجوع مواطنوه. أتأمل أحوال أميركا وأوروبا في كل زيارة، أو إقامة، وأتساءل ماذا كان يمكن أن يحصل لهؤلاء الملايين، لولا هذه الأعجوبة البشرية: الضمان الصحي، والتقاعد، وراتب البطالة، وعشرات المساعدات الأخرى؟ ربما ستكون بعض شوارع أوروبا مثل أرصفة الهند: مكان الولادة والحياة والموت. لكن فرنسا تعامل أبناءها الذين في أزمة، من أي نوع، مثلما تعامل أغنى المواطنين: يدخلون المستشفيات نفسها، والمدارس نفسها، وعندما يذهبون إلى الصيدلية، يحملون كل ما هو موصوف لهم من الأدوية من دون أن يدفعوا فرنكاً واحداً. الدولة صديقة المواطن، وأحياناً أمه وأبوه. ونظام الضمان الاجتماعي يحمل صاحبه رقماً لا اسماً، لكي لا يكون هناك أي تمييز. وهذا الرقم في بريطانيا هو هويتك، وتاريخك، وسجلك.

تتمتع الدول الإسكندنافية بضمانات أعلى وأرقى من دول أوروبا الأخرى. وتعادلها ربما كندا. لكن النظام الاجتماعي في كل مكان ينوء تحت ضغوط كبرى، خصوصاً منها ضغط اللاجئين.

والمحزن أن معظمنا، دولاً وشعوباً، ينتمي إلى الفريق الآخر في عالم الضمانات. لا الدولة ضامنة، ولا المواطن مسؤول. والملايين من الناس يؤتى بهم إلى الحياة من دون أن يكون لهم حق، أو أمل، بسقف، أو رغيف، أو دواء، أو مدرسة، أو علاج. وعندما تتطلع يومياً إلى الصور الآتية من المخيمات، لا ترى أمامك سوى الأطفال الجدد القادمين إلى الذل والعذاب.

شوارع المدن الكبرى هي أيضاً مخيمات مفتوحة. لماذا ندفع إلى الشوارع بالمزيد من البائسين الذين لا مكان لهم، في أي مكان، من سلالم الحياة؟

وإذا كان تنظيم النسل غير مرغوب فيه، فلا حل إلا بأن تتحمل الدولة مسؤوليتها: تهيّئ للقادمين ما يكفي من مدارس وأعمال ومستشفيات. وإلا، فإن الزيادة لن تكون في عدد المواطنين، بل في عدد المتسولين والهاربين واللاجئين والمعذبين. وتلك الفئات من البشر التي تتحول حياتها إلى جناية عليها.

أتساءل دائماً أيهما أكثر أهمية في لبنان، الرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري، أم الرئيس سليمان فرنجية، الذي أقام نظام الضمان الاجتماعي، أو أي الاستقلالين أكثر معنى؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة المتوكلة الدولة المتوكلة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon