بقلم - سمير عطا الله
لا شيء يطمئن مثل العلم، ولا شيء يخيف مثل العلم أيضاً. كلما تقدم الإنسان في ساحات العلوم، عثر على علاجاتٍ جديدة ووضع عقاقير جديدة. وها هو اليوم يجري العمليات الجراحية عن بُعد من قارة إلى قارة تاركاً لـ«الروبوت» أو «الإنسان الآلي» أن يقوم بالعملية نيابة عن الجراحين وبدقة لا تُخطئ. لكن الإنسان كعادته منذ البدء يطوّر أيضاً «روبوتاً» ذكياً يقاتل عنه ويَقتُلُ عنه ويحارب عنه أيضاً. أي إن الجندي الحديث لن يتوقف لحظة عند مشهد طفلٍ أو عجوزٍ أو حتى عند مرأى جندي آخر يرفع راية الاستسلام، بل سوف يمضي في القتل دون شفقة أو رحمة، لأن العلماء الذين عبّأوه بوسائل القتل لا يمكنهم أن يحذّروه بأن قوانين الحرب تحظر هذا الأمر وذاك.
يجادل فريقٌ آخر من العلماء بأن «الروبوت» أكثر رحمة من الإنسان. فهو لا ينفعل ولا يغضب ولا يكره ولا يحقد. مثالٌ على ذلك مجزرتان: الأولى عام 1968 عندما جُنَّ جنون فرقة من الجنود الأميركيين في قرية فيتنامية تدعى «ماي لاي» وراحوا يقتلون أهلها بوحشية مريعة. وانتهى الأمر بسقوط 400 قتيل من النساء والأطفال والعجائز. أما الثانية فحدثت عام 1995 عندما قام البوسنيون الصرب بذبح أكثر من 8 آلاف بوسني مسلم في بلدة سربرينيتسا. في الأولى كانت المجزرة تلقائية عصبية، أما في الثانية فكانت مُدَبّرة ومخططاً لها في جزءٍ من عملية تطهير عرقي واسعة. في مثل هذه الحال ماذا سيكون الفارق بين الآلة المتوحشة والإنسان المتوحش ما دام الذي يقرر في الحالتين هو هذا الأخير؟
في الماضي كان إذا أرسل ديكتاتور جيشه إلى الحرب يخاف من هزيمته ويخشى من انتصاره... فإذا عاد منتصراً مزهواً حاول ضباطه الاستيلاء على الحكم. الشيء الذي لا يمكن أن يفكر فيه «الروبوت» هو الاستيلاء على السلطة. وبعد انتهاء مهمته سوف يوضَعُ في مرأب بعيد ويُجَرَّدُ من بطارياته فيفقد كل قواه. وأما ما نشاهد من أفلام أو نقرأ من كتب عن جيوش «الروبوتات» التي انقلبت على أصحابها، فليست إلا خيالاً سينمائياً. فمهما بلغ ذكاء الآلة، فلن يكون في إمكانها التمرّد على سيدها كما يفعلُ الجنود البشر في بعض الحالات. وفي أي حال، فإن هذا الجيش الفولاذي أو الحديدي لا يتعكّر مزاجه ولا تعتريه الشفقة ولا يشعر بالذُّل أو الهوان. لكن ماذا عن الجيش المقابل من «روبوتات» العدو؟ قد يكون مشهد الاشتباك مُضحكاً حقاً.
نقلا عن الشرق الاوسط القاهرية