توقيت القاهرة المحلي 02:36:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العذاب الوحيد: الندم

  مصر اليوم -

العذاب الوحيد الندم

بقلم: سمير عطا الله

أعتقد أن السعودية كانت أول دولة عربية منعت نشر إعلانات التدخين في الصحف، مما منع الصحافة من مداخيل ضخمة وحمى الناس من ضرر مخيف. لم يؤدِ المنع إلى وقف التدخين فوراً، لكنّه ساهم في إنشاء جوٍ معادٍ للعادة القاتلة. وبعد السعودية حذت الدول الميسورة حذوها قبل أن يصبح المنع شبه عام.
توقّفتُ عن هذه العادة الرديئة منذ أكثر من أربعين عاماً. ويمرّ المدمنون عادة في عذاب أمّا أنا فكان عذابي الوحيد الندم على سنوات التدخين الطويلة. وقد أمضيتها مقتنعاً بأن الكتابة لا تأتي والقريحة لا تحلّ إلا مع إحراق ثمانين سيجارة إنجليزية في اليوم. وبعد التوقف تبيّن لي أن كتابتي قد تحسنّت وحياتي أيضاً وحياة أهل بيتي وأصدقائي وزملائي في المكتب، والناس الذين كنت أزورهم في بيوتهم أو في مكاتبهم.
بقي لي هم حقيقي واحد هو أصدقائي الذين رفضوا أو لم يحاولوا الإقلاع عن الآفة. وقد رفضت بدوري أن أتفهّمهم أو آخذ ذرائعهم في الاعتبار أو التعاطف، وذلك لقناعاتي بأنه ما دام مدمن مثلي استطاع رمي السيجارة غير آسف عليها، فإن ذلك سيكون سهلاً على جميع المدمنين.
كانت قصتي مع السيجارة قصة جيلٍ بأكمله. وما سبقه من أجيالٍ أيضاً. فقد ارتبطت السيجارة، أو ربطها المروجون بمكارة شديدة، مع الفرح ونسيان الأحزان وحتى النجاح في العمل. وكانت المؤسسات الصحافية أو الهندسية أو سواها مليئة بالمدخنين، فالسيجارة عنوان الرجولة كما تقول الدعاية. وأبطال السينما كانوا جميعاً من المدخنين كما تقول الأفلام والملصقات، وخصوصاً الكبار منهم.
ثم حدثت صحوة ضميرية وعلمية وطبية في وقتٍ واحد وتبيّن للمدمنين وأطبائهم معاً أن ثمة علاقة مؤكدة بين الأمراض وبين التدخين. وفي الإحصاء الأخير لمنظمة الصحة الدولية أن 8.2 ملايين يموتون كلّ عام جراء العادة السّامة، كما تقول المنظمة إنه مع العمر يقتل التدخين نصف ضحاياه. أنا واثقٌ بأن من يقرأ هذا الكلام من المدخنين سوف يعتبره نوعاً من العظة التي لا ضرورة لها، أو أنه جزءٌ من تلك الحملات المعنوية التي تبعث السأم أكثر مما تساعد في الإقلاع. هكذا كنت أنظر إلى كلِّ إنسان ينصحني بأن التدخين يسيء إلى الصحة. وكانت جدّتي بكل بساطتها ونقائها تقول لي إن السيجارة هدرٌ مزدوج للصحة والمال معاً. ولكن حتى من سيدة في عظمة قلبها وروحها الرعائية، لم أحاول مرة الإصغاء ولو قليلاً. كنت أعتبر جميع الناصحين أعداء ومتطفلين يتدخلّون في شأنٍ شديد الخصوصية. ولست أشعر بالندم طبعاً لأنه ما أفاد يوماً في شيء، لكنني أشعر بالأسف من الطريقة التي تعاملت بها مع كلمات المحبين والناصحين. ربما كتبت شيئاً من هذا الكلام قبل الآن. وإنني لا أكرره عبثاً ولكن بكلِّ نية حسنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العذاب الوحيد الندم العذاب الوحيد الندم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon