توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

30 يونيه.. بعد خمس سنوات

  مصر اليوم -

30 يونيه بعد خمس سنوات

بقلم - عماد الدين حسين

فى ٣٠ يونيه ٢٠١٣، شاركت مع ملايين المصريين فى هذه الثورة العظيمة، وحتى الآن لم أندم على ذلك، رغم العديد من الملاحظات السلبية فيما يتعلق ببعض السياسات اللاحقة.

فى تقديرى أن أهم ما فعلته ثورة ٣٠ يونيه أنها أنقذت مصر من التحول لدولة ظلامية.

لم أكن أستسيغ عبارة «مش أحسن من سوريا والعراق!»، لكن على الأقل أدرك الآن خطورة ما هو أسوأ من سوريا والعراق، وهى الحالة الليبية المجاورة، والتى لا أعرف لماذا يتجاهلها معظمنا رغم أنها فى صميم الأمن القومى لمصر؟!.
القذافى دمر هذا البلد تمامًا، والليبيون ثاروا عليه من أجل حياة حرة كريمة، لم نلتفت وقتها لخطورة التدخل الغربى المدعوم خليجيًا وتركيًا، ثم فوجئنا بقرار قطرى يمنع جمع السلاح من الميليشيات، وتفككت بقايا الجيش الوطنى، وهيمن المتطرفون على السلطة، ثم رفضوا الاعتراف بهزيمتهم فى الانتخابات التالية، بعدها اختفى ما كان موجودًا من مؤسسات، وصارت الكلمة العليا للميليشيات الجهوية الدينية.

التيار الذى يضم إخوانًا وسلفيين ومتطرفين هناك، لا يؤمن إلا باستمرار سيطرته حتى لو كانت على مساحة واحد فى المائة من أراضى ليبيا، وكل ما يشغله أن تكون تحت أيديه حقول النفط ليضمن استمرار تحكمه فى الناس بدعم من تركيا وقطر.

لماذا أتحدث تفصيلا عن ليبيا فى هذه المناسبة؟ لأن ٣٠ يونيه أنقذتنا من مصير أن يتحكم فينا بعض المتطرفين الذين يزعمون أنهم يحكموننا باسم السماء.

رأينا نتائج حكم أو سيطرة أو هيمنة تجار الدين، ليس فقط فى منطقتنا، بل وتشويههم للدين الإسلامى فى كل العالم بفعل ممارسات داعش.

شخصيا كنت أتمنى قبل ٣٠ يونيه أن نصل إلى شىء شبيه بالتجربة التونسية القائمة على عدم إقصاء أى طرف من الأطراف، لكن ومع كل التقدير لهذه التجربة ــ التى يشيد بها كثيرون ــ فإن أداء جماعة الإخوان فى مصر، كان مأساويًا.

أصدروا الإعلان الدستورى الذى أمم كل شىء لمصلحتهم، وتوسطوا بين حماس وإسرائيل فى نوفمبر 2012، ورفضوا الانتخابات المبكرة، لم يؤمنوا بالتوافق أصلا، يريدون إما الكعكة كاملة أو المظلومية حتى النهاية، والأسوء أنهم لم يجروا أى مراجعة أو نقد ذاتى لمسيرتهم، خصوصا من 25 يناير حتى الآن، يتحدثون مع الغرب عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحريات لكنهم يلقنون أعضاءهم كلاما مختلفا تماما جوهره السمع والطاعة.

30 يونيه أنقذتنا من كل هذا، لكن مثلها مثل أى ثورة، فقد رأينا سلبيات كثيرة أعقبتها، أهمها أنها لم تستطيع الحفاظ على التحالف الشعبى الواسع الذى شارك فيها.

كنا نتمنى من جبهة الإنقاذ التى قادت التحركات السياسية ضد الإخوان أن تتوصل إلى صيغة مع «النواة الصلبة»، تضمن ألا نصل لطريق سياسى مسدود.

وكنا نتمنى من نظام الحكم ألا يتخلى عن كل شركاء ٣٠ يونيه، لكن للأسف فإنه لم ينجح فى ذلك.

دعونا ننظر للمستقبل ونؤكد أنه فى بلد عدد سكانه يزيد على مائة مليون نسمة، لابد من وجود أكبر توافق وطنى ممكن، لمواجهة التحديات الضخمة خصوصا الإرهاب والأزمة الاقتصادية الطاحنة، ومن دون ذلك سنظل «محلك سر».
تحتاج الحكومة لمد يدها لكل قوى المجتمع المؤيدة والمعارضة، طالما أنها تؤمن بالقانون والدستور والدولة المدنية.
استمرار الصيغة الراهنة أى الخصام أو التعالى على الجميع، هو الذى قد يعطى قبلة الحياة للقوى الظلامية والمتطرفة، فى أن تعود مرة أخرى، خصوصا فى ظل الظروف الاقتصادية.

أتفق مع الحكومة تماما فى أهمية وحتمية برنامج الإصلاح الاقتصادى، لكن هناك حتمية كبرى تتمثل فى أن تسعى الحكومة لبذل كل الجهود من أجل توزيع أعباء هذا البرنامج بصورة عادلة، لا تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا.
٣٠ يونيه كان لها إيجابيات كثيرة، لكنها ساهمت أيضا فى عودة العديد من المظاهر التى ثار عليها المصريون فى ٢٥ يناير ٢٠١١.

وبالتالى فإن نظام الحكم يحسن صنعا إذا درس تجربة السنوات الخمس الماضية، واستخلص منها العبر والدروس.
النوايا الطيبة ممتازة، لكنها لا تصلح بمفردها، ليس عيبا التراجع عن أى سياسات أو ممارسات يتفق غالبية المراقبين على أنها خاطئة.

أهم درس من ٣٠ يونيه أن تعود الحكومة وأجهزتها للإحساس بنبض الناس وهموهم، وألا تتعامل معهم باستخفاف، أو بعنف لأن ذلك بالضبط، هو الذى دفع ملايين الناس للثورة على حسنى مبارك.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

30 يونيه بعد خمس سنوات 30 يونيه بعد خمس سنوات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon