بقلم - عماد الدين حسين
غالبية المراقبين والمتابعين توقعوا أن يتم التعديل أو التغيير الوزارى بعد قرار رفع أسعار الوقود المتوقع صدوره بين لحظة وأخرى، وليس قبلها.
السيناريو الذى تخيله هؤلاء هو الآتى: تقدم حكومة المهندس شريف إسماعيل استقالتها بعد أن تتخذ قرار رفع أسعار مختلف أنواع الوقود، وكذلك زيادة أسعار الكهرباء بعد أن رفعت أسعار المياه وتذاكر المترو.
كان التخيل أو التفكير من داخل الصندوق أن يتم ذلك، فى وقت ما خلال شهر رمضان الجارى. والبعض اعتقد أن الوقت المثالى لذلك هو نهاية منتصف ليلة الخميس الماضى، وبدء الإجازة الأسبوعية التى تستمر حتى صباح الأحد.
هذا السيناريو مجرب فى العديد من البلدان، التى كانت تلجأ إلى مثل هذه القرارات الصعبة، بحيث يعتقد البعض خصوصا من الطبقات الفقيرة والشعبية أن الحكومة قررت إقالة الحكومة التى اتخذت قرارات رفع الأسعار، وجاءت بحكومة جديدة، تكون أول تصريحاتها أنها سوف تحاول معالجة الأوضاع الصعبة للمواطنين، ولا مانع من بعض التصريحات الوردية المتعاطفة مع الفقراء والمهمشين ومحدودى الدخل. بالطبع لو كنت مكان الدكتور مصطفى مدبولى لتمنيت أن تتخذ حكومة د. شريف إسماعيل خطوة رفع الأسعار، حتى يتم رفع العبء عن حكومته ولو بصورة جزئية، ولا يلتصق بأذهان الناس أنها الحكومة التى كان أول قراراتها رفع الأسعار.
هذا ما كان متوقعا، وهذا ما تم تطبيقه فى العديد من البلدان التى مرت بنفس ظروفنا وتجاربنا ومشكلاتنا الاقتصادية الراهنة.
والسؤال: ما الذى حدث بحيث إن مؤسسة الرئاسة لم تلجأ إلى اتخاذ هذا السيناريو الذى يراه البعض منطقيا؟!. السيناريو الأول هو: هل رفض المهندس شريف إسماعيل إعلان رفع أسعار الوقود قبل رحيله؟!. لا أظن ذلك بالمرة لأنه أولا هو يؤمن بأهمية هذه الخطوة فى سبيل الإصلاح الاقتصادى. والمؤكد أنه كانت هناك مواعيد كثيرة كان يفترض أن يتم فيها اتخاذ القرار أثناء وجود الحكومة.
السيناريو الثانى هو أن البعض يحلم بأن تكون الحكومة قررت وقف أو تأجيل اتخاذ قرار رفع الأسعار، خصوصا بعد الاحتجاجات واسعة النطاق فى الأردن.
لكن هذا أمر شبه مستحيل، خصوصا أن الحكومة أصدرت العديد من قرارات الحماية الاجتماعية مثل زيادة الرواتب والمعاشات.. فهل ستفعل ذلك من دون أن ترفع الأسعار وهى تعانى من أزمات اقتصادية صعبة أهمها المديونية المتفاقمة، والعجز المزمن فى الموازنة؟!.
السيناريو الثالث الأقرب إلى المنطق،هو ان طريقة تفكير الرئيس السيسى لا تفضل هذه الطرق الملتوية. فهو يرى أنه مادام قرار رفع الدعم عن الطاقة ضروريا ويجب اتخاذه فلا داعى لللف والدوران، وأن تكون الحكومة شجاعة فى اتخاذ القرار والدفاع عنه. وربما كانت ملاحظة الرئيس على وزير النقل الدكتور هشام عرفات قبل أسابيع كاشفة فى هذا الصدد، حينما قال له مداعبا: لماذا أنت خجول وتحاول الدفاع عن نفسك فى قرار رفع أسعار التذاكر؟!!. والمعنى أنه مادامت الخطوة ضرورية وتستحق فالمفترض أن يتم الدفاع عنها بكل قوة. وما يعزز ذلك أن قرارات رفع الدعم عن الطاقة معلنة منذ عام 2014، ويعلم الجميع أنها تطبق سنويا، حتى يتم إلغاء الدعم بالكامل، وبالتالى فلن يفرق كثيرا من هى الحكومة التى اتخذت القرار.
ثم إن غالبية الناس صارت تعرف أن صاحب هذا التوجه هو النظام عموما وفى مقدمته رئيس الجمهورية، وليس الوزير أو رئيس الوزراء فقط، وبالتالى، وبغض النظر عن الحكومة التى ستتخذ القرار فإن الناس يتعاملون مع الأمر باعتبار أن الرئيس هو صاحب القرار الفعلى.
فى كل الأحوال فإن الإجابة عن هذا السؤال سوف نعرفها خلال الأيام المقبلة. مع كل التمنيات الطيبة للحكومة خصوصا وزراءها الجد
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع