بقلم: عماد الدين حسين
سؤال صادم: هل هناك أى إيجابيات لانتشار فيروس كورونا عالميا وإقليميا ومحليا؟!
قد يندهش البعض من هذا السؤال، ويراه فجا، وصادما، لكن، وبما أن الجميع يتحدث عن الأضرار والخسائر التى تسبب فيها الفيروس، خصوصا حصد أرواح أكثر من ألف شخص، وإصابة أكثر من ٦٦٥ ألفا حتى مساء السبت الماضى، وخسائر بتريليونات الدولارات، ووضع معظم العالم تقريبا تحت الحظر والإقامة الجبرية فى بيوتهم، فقد وجب أيضا أن نسأل عن الإيجابيات أو الفوائد التى قد لا يلاحظها كثيرون!.
وعلى قاعدة «رب ضارة نافعة»، فلم يخلُ الأمر من إيجابيات ومنافع، رغم السلبيات والأضرار والخسائر المتعددة لهذا الفيروس الذى أعاد البشرية سنوات وربما عقودا طويلة إلى الوراء.
من أول الفوائد التى يفترض أن تستمر لفترات طويلة هى اهتمام غالبية الناس بالنظافة الشخصية، باعتبارها المدخل الأساسى لمحاربة الفيروس، ومن سوء الحظ أن الكثير من الناس لا يهتمون بالحد الأدنى من النظافة، علما بأنها يمكنها حمايتهم من العديد من الفيروسات والميكروبات والجراثيم، التى صارت تتكاثر فى ظل تغير أنماط الحياة والمأكولات والزحام الشديد فى الشوارع والأماكن العامة.
آن الأوان أن يتوقف البعض عن العديد من العادات السيئة، والتى قد تتسبب فى نقل العدوى بين الناس، مثل عدم استخدام المناديل، أو البصق فى الشارع، أو عدم غسل الأيدى كثيرا. أو الأكل غير الصحى.
من فوائد ظهور كورونا أن كثيرين، بدأوا يتوقفون عن تبادل القبلات «عمال على بطال» واكتفوا بالسلام «من بعيد لبعيد»، وهى عادة موجودة بكثرة فى مصر وبعض البلاد العربية!!.
من الفوائد أيضا أن البعض بدأ يتوقف عن تناول المأكولات فى الشارع، وبعضها يخالف المواصفات الصحية، هؤلاء بدأوا يتناولون أكلهم فى البيت، الأمر الذى يقلل كثيرا من احتمالات العدوى.
لكن الفائدة الأهم التى أراها تحققت من وراء انتشار فيوس كورونا هى اضطرار الكثيرين إلى قضاء وقت أطول فى بيوتهم، باعتبارها الملجأ الأكثر أمانا لهم من احتمالات العدوى.
النصيحة الدائمة هى عدم التواجد لوقت أطول فى الشوارع والأماكن العامة، خصوصا المزدحمة. وهو ما يعنى العودة للمنزل، ثم أصبح هذا الأمر إجباريا بعد فرض حظر التجول من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا إضافة لإغلاق المطاعم والمقاهى والمراكز التجارية.
ثم إن أى شخص يخشى الإصابة يفضل أن يبقى فى المنزل، باعتباره الأكثر أمانا.
عودة الكثيرين للمنزل وقضاء وقت أطول فيه، تعنى زيادة الروابط الأسرية، بل وتقليل انهماك أفراد الأسرة مع التليفون المحمول، ومصيدة السوشيال ميديا!.
من الفوائد أيضا، وبسبب قلة السلع المستوردة، لتقييد حركة السفر، فإن كثيرين سوف يضطرون إلى الاعتماد على السلع المحلية، مما يشجع على الاقبال عليها.
إغلاق المطارات بين دول العالم وإصابة حركة الناس والسلع والبضائع بما يشبه الشلل، سيؤدى إلى نقص فى العديد من السلع، وبالتالى، فقد نتمكن من الاعتماد على العديد من السلع المحلية، وإن كان ذلك سيؤدى ربما إلى زيادات فى أسعار بعض السلع، حتى نتمكن من إنتاجها بشكل كبير.
من المخجل أننا نعتمد على الخارج فى معظم ما نستهلكه من أول الكمامة إلى الغذاء والدواء والسلاح، فهل ننجح فى اختبار الاعتماد على الذات، أم أن هناك عوامل موضوعية تحول دون تحقيق هذا الحلم إلى واقع؟!.
يقولون دائما إنه فى كل شىء حتى لو كان سيئا وكارثيا ومأساويا، ثمة فرصة طيبة يمكن استخلاصها. وفى حالة الرعب والفزع والهلع التى أصابت العالم أجمع بسبب كورونا، فإن هناك إمكانيات كبيرة للجميع، أفرادا ومؤسسات وحكومات ودولا ومنظمات وهيئات رسمية أو شعبية، لكى نتعلم العديد من الدروس المفيدة، كى نتجنب، ليس فقط، هذا الفيروس وأعراضه، بل بدء ممارسة حياة صحية حقيقية من أول الاهتمام بالنظافة الشخصية، مرورا بالأكل الصحى والمضمون، بالاعتماد على الذات فى كل أو معظم ما نحتاجه من سلع وآلات ومعدات وأدوية وأسلحة وأغذية. وقانا الله وإياكم من شرور كل الأمراض والأوبئة البسيط منها والفتاك.