توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

2000 دولار بدل حضور الجلسة!

  مصر اليوم -

2000 دولار بدل حضور الجلسة

بقلم - عماد الدين حسين

هناك أوضاع لابد أن تتغير فورا، إذا أردنا السير فعلا بعملية الإصلاح الاقتصادى إلى نهايتها الطبيعية.

هل يعقل أن تكون هناك شركات عامة، أو يشارك فيها المال العام تخسر سنويا الملايين وربما المليارات فى حين يقوم بعض أعضاء مجالس إدارتها، بالحصول على بدل حضور جلسات، قد يصل إلى خمسة أو عشرة آلاف دولار فى المرة الواحدة؟!

لم أكن أتخيل أن هذا يحدث فى بلد يعانى من مشاكل طاحنة، ويطلب من الشعب أن يتقشف وأن يتجرع الدواء المر من أجل الإصلاح!

قبل اسابيع كنت برفقة مجموعة من المهتمين بالشأن العام، نتحدث مع احد الوزراء السابقين، وتطرق الحديث إلى عملية الإصلاح الاقتصادى وضرورة إصلاح القطاع العام.

هناك مأساة اسمها «الشركات المشتركة» أى التى يساهم فيها القطاع العام بحصص مختلفة مع شركات خاصة أو أجنبية.

فكرة هذه الشركات حينما نشأت كانت، مقبولة، وهى ضخ المزيد من الدماء المالية الخارجية فى شرايين القطاع العام المتكلسة والمتيبسة. لكن للأسف فإن بعض النماذج أدت إلى العكس تماما، بحيث تحولت إلى وسيلة لاستنزاف المال العام.

شركة قطاع عام كانت شهيرة جدا فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، وأدت أدوارا وطنية مهمة، لها فرع فى باريس فى إطار هذه الشركات المشتركة، ومن يسافر ليحضر اجتماعات العاصمة الفرنسية يركب درجة رجال الأعمال فى الطائرة، وينزل فى فندق، ويحصل على ١٥٠٠ يورو بدلا حضور الجلسة، إضافة إلى بدل سفر.

شركة أخرى مشتركة تعمل فى الملاحة خسائرها نحو ٤٥٠ مليون دولار. 

أحد الزملاء الصحفيين المتخصصين، قال إن بدل حضور جلسة مجلس إدارة هذه الشركة يصل إلى عشرة آلاف دولار. 

لكن أحد الجالسين وهو قريب من هذا الملف، قال إن هذا الرقم مبالغ فيه، وأنه لا يزيد عن ألفى دولار. 

والسؤال هو: سوف نفترض أن البدل هو ألف دولار فقط، فهل يجوز ذلك فى بلد نحو ٣٠٪ من سكانه تحت خط الفقر؟!

أنا من المؤمنين بأن يحصل كل متميز ومبدع على أعلى أجر متاح، طالما أنه يعمل فى القطاع الخاص. وبالتالى فمن حق المدير التنفيذى فى البنك الاستثمارى، أو المذيعة فى الفضائية الخاصة، أو لاعب الكرة المحترف، أن يحصل على مليار دولار فى الموسم أو حتى تريليون «نظريا طبعا»، طالما أن المسألة عرض وطلب، وأن هذا النجم أو المبدع أو الموهبة الاستثنائية سوف تعوض هذه المبالغ بعائدات أكبر، عبر الارباح أو الاعلانات أو بيع التذاكر.

الأمر مختلف فى القطاع العام. فالعمل فيه تكليف إلى حد كبير، وهو يفترض أن يكون مدرسة لتخريج الكوادر فى جميع المجالات، وبالطبع هناك اهمية ومنطقية لوجود فوارق فى الدرجات والمرتبات، حتى يمكن مكافأة المبدع.

فلا يمكن مثلا أن أساوى بين راتب رئيس البنك الذى يتخذ قرارات استراتيجية تحقق المليارات من صناديق الاستثمار، وبين الصراف الذى يمكن أن يؤدى وظيفته أى شخص عادى!

إذا كنا جادين فعلا فى عملية الإصلاح الشاملة، فهناك أوضاع لابد أن تتغير فورا، ومن بينها، ما يحدث فى بعض شركات قطاع الأعمال والشركات المشتركة. وللموضوعية فإن هذه المأساة ليست وليدة اليوم، لكنها ناتجة عن حكومات متعاقبة منذ عشرات السنين.

لمن يتابع الملف فإن هناك ثغرات تشريعية، وقانونية تتيح لبعض الحالات أن يستمر رئيسا لمجلس إدارة الشركة، حتى لو بلغ من العمر ٩٢ عاما ــ وكانت هناك حالة فعلا بهذا الوصف ــ طالما أن الجمعية العمومية اختارته.

وكما نعلم جميعا فإن هناك البعض ممن يملك مهارات التربيط والتشبيك جيدا ويختار شلة متماسكة، ويمكنه أن يستمر رئيسا مدى الحياة.

لا أعترض على هذا المبدأ الديمقراطى، شرط أن تحقق الشركة أرباحا، لكن أن تستمر الخسارة دائما، فى حين أن الكاسب الوحيد هو مجلس إدارة الشركة فقط، فهذا أمر يصعب تفهمه!

سمعت أن هناك نية لتعديل القانون ٢٠٣ الذى ينظم شئون شركات قطاع الأعمال.. مثل هذه النوعية من القطاع العام لا يمكن الدفاع عنها، وحان وقت وقف النزيف المستمر فى العديد من الشركات الخاسرة واصلاحها، وطرحها فى البورصة، وإدارتها بطريقة اقتصادية. كان يفترض أنها أداة للعدالة الاجتماعية، لكنها تحولت إلى وسيلة لعقاب الفقراء ومجاملة قلة فى مجالس الإدارة.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2000 دولار بدل حضور الجلسة 2000 دولار بدل حضور الجلسة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon