توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

  مصر اليوم -

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات

بقلم - عماد الدين حسين

يسأل بعض الناس أحيانا: هل ينبغى على الحكومة المصرية أن تهتم بما تقوله القوى والمنظمات والبلدان الغربية بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات فى مصر؟!
بعض الناس يسأل السؤال بصيغة أخرى، وهى: لماذا لا ترد الحكومة المصرية على هذه المطالبات الغربية بعبارة بسيطة: «اخبطوا أدمغتكم فى أقرب حائط»!
وهناك صيغة ثالثة لهذا السؤال مفادها: «هل نحن نحتاج الغرب، وبالتالى نضطر للاستماع إلى ما يقوله فى ملف حقوق الإنسان؟!
الإجابة على الأسئلة السابقة بأكملها تصب فى اتجاه واحد، وهو أنه يندر أن نجد دولة طبيعية فى العالم تستطيع أن تعيش فى عزلة، أو بعيدا عن الاعتماد على بقية العالم، فما بالك إذا كانت ظروف هذه الدولة الاقتصادية صعبة جدا مثل مصر؟!
بالطبع وقبل طرح كل هذه الصيغ من الأسئلة، فإن المنطق الطبيعى يقول إنه يفترض بداهة بالحكومة المصرية أن تحترم حقوق الإنسان، لأن هذا هو الأصل، سواء رضى عنا الغرب أم لا.
لكن نعود إلى الواقع وبعيدا عن الافتراضات والتمنيات والعواطف والمشاعر والكلمات الرنانة، فهذا الغرب لديه أوراق قوة كثيرة. الغرب وخاصة أمريكا هو الذى يقود ويوجه مؤسسات التمويل الدولية خصوصا صندوق النقد والبنك الدوليين. يمكن لهذا الغرب أن ينتقم من أى دولة بسبب خلافات سياسية، كما فعل دونالد ترامب مع تركيا، لإجبارها على إطلاق سراح القس برانسون. يملك الغرب منح المنح والمساعدات أو وقفها، كما يملك وسائل الإعلام الجبارة التى «تشيطن» الدول أو المسئولين أو تضعها فى مصاف الملائكة!. يملك الغرب الأسلحة والأغذية والأدوية التى تعتمد عليها غالبية بلدان العالم. وصار هو المالك شبه الحصرى للتكنولوجيا الحديثة، خصوصا فى الاتصالات.
هل يعنى كل ما سبق أننا لا نملك أى أوراق ضغط فى مواجهة هذه الكروت الذكية والذهبية؟!
بالطبع نملك أوراقا كثيرة ومهمة مثل الموقع الجغرافى، والتأثير الكبير فى المنطقة العربية، والغرب يحتاجنا أيضا، خصوصا فى ملف الهجرة غير الشرعية، ومواجهة الإرهاب والتطرف، لكن للموضوعية، فإننا نحتاج الغرب، بصورة أكبر كثيرا من احتياجه إلينا.
للتدليل على ما سبق، نذكر أن الولايات المتحدة تقدم لنا مساعدات سنوية منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، لكن هذه المساعدات، تحولت إلى ورقة ضغط أمريكية ضدنا لكى ننفذ طلبات متعددة لواشنطن.
نتذكر أيضا أن الكونجرس الأمريكى ضغط علينا كثيرا منذ بدأت هذه المساعدات، مرة بحجة اضطهاد الأقباط، ومرة باسم غياب الحريات ومرة بسبب تعثر الديمقراطية، ومرة باسم التضييق على منظمات المجتمع المدنى.
الأوروبيون أيضا استخدموا المنح والمساعدات للضغط علينا فى موضوع الحريات وحقوق الإنسان، وان كان الموقف الأوروبى أخف وأكثر اعتدالا مقارنة بالسفور الأمريكى الذى يصل حد البجاحة أحيانا.
المثال العكسى هو حالة الصين التى لا نحتاج لدعم أو مساعدات من أى نوع من الغرب، ولذلك حينما ينتقد سجلها الحقوقى، فهى تقول له: «لا نهتم بمواعظكم وسوف نستمر فى سياستنا وتوجهاتنا».
ونتذكر أن مصر تحدت الولايات المتحدة وأوروبا، وحاكمت العديد من أصحاب ومسئولى المنظمات الحقوقية الغربية والمصرية بعد ثورة يناير ٢٠١١، وأغلقت هذه الفروع، لكن للأسف، فقد أسفر الضغط الأوروبى الأمريكى عن الإفراج عن كل المحبوسين وترحيلهم بصورة غامضة ومريبة، قبل أن يتم تبرئة المتهمين لاحقا قبل شهور.
الحكومة المصرية تحاول تفادى الضغوط الغربية، بطرق متعددة. هى ترفض الكثير من الأفكار والشروط الغربية، وتناور هنا وهناك، لكن، لا يمكنها أن تصطدم مع الغرب دائما، لأننا نحتاج إليه كثيرا فى العديد من الملفات، وبالتالى نستمع إليه حينا، و«نطنش» حينا آخر.
هذا السيناريو كان هو السائد طوال عهد حسنى مبارك، خصوصا مع الولايات المتحدة، وبالاخص فى ملف مثل الأقباط والقبض على سياسيين مثل سعدالدين إبراهيم أو أيمن نور، وآخرين. 
بعد كل ما سبق، وإذا اتفقنا أننا نحتاج إلى هذا الغرب أحيانا، فعلينا أن نتحلى ببعض التواضع، وأن نفكر بهدوء وتعقل ونعرف متى نرفض ومتى نقبل، ونصبر حتى نكون أقوياء ونستطيع الاستغناء عن مساعدات الغرب. 
وختاما: أليس من الأفضل أن يتم مراعاة حقوق الإنسان فعلا، حتى نتجنب هذه التدخلات والإملاءات والانتقادات من قوى دولية كثيرة؟!

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات سر انشغالنا بانتقادات الغرب عن الحريات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon