توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من يحق له الكتابة فى الشأن المسيحى؟!

  مصر اليوم -

من يحق له الكتابة فى الشأن المسيحى

بقلم-عماد الدين حسين

بعض الزملاء والقراء وجهوا لى لوما خفيفا، لأنى كتبت خمسة مقالات خلال الأسبوع الماضى عن تداعيات مقتل الأنبا ابيفانيوس رئيس وأسقف دير الأنبا مقار بوادى النطرون.
أسباب اللوم متعددة ومتنوعة، وهى فى مجملها تعكس ــ من وجهة نظرى ــ الحالة التى وصل إليها المجتمع.
السبب الأول من وجهة نظر الملومين هو أنه لا يفضل لكاتب صحفى مسلم، أن يتناول شأنا خاصا بالكنيسة المصرية، لأنه قد يتم فهمه باعتباره تدخلا فى شأن كنسى أو طائفى، والأفضل أن يقوم كاتب صحفى مسيحى بالكتابة عن هذا الشأن. وأصحاب وجهة النظر هذه يتزيدون، حتى يصلوا إلى أنه من غير المستحب أن يقوم صحفى مسلم، بتغطية ملف الكنيسة القبطية، علما بأن أحد أهم من غطوا هذا الملف الزميل والصديق أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة روزاليوسف السابق مسلم وملتزم وعلى خلق، وقد غطاه بكفاءة ومهنية وكانت علاقاته مع قادة الكنيسة وما تزال متميزة.
سبب آخر يسوقه هؤلاء، وخلاصته أن الكتابة عن مثل هذه الموضوعات، قد تزيد الأمور توترا واشتعالا فى حين أن المطلوب هو التهدئة.
سبب ثالث يرى أن الكلام فى مثل هذه الموضوعات قد يعطى فرصة للمتطرفين والتكفيريين وكل أعداء الوطن، للعبث بالوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
وبعض هؤلاء يقول إنه إذا كان هناك رغبة فى النشر، فالأفضل أن تتحدث دائما عن الإرهابيين الذين يريدون الفتنة، وليس عن أى قضايا فعلية يعرفها الجميع.
ما سبق هو خلاصة رأى بعض الزملاء والقراء، وفضلت أن أعرضها بأمانة حتى نصل إلى توافق حقيقى، هدفه أن أى كتابة يفترض أن تخضع للعقل والمنطق، وأن تكون موضوعية وأمينة. ثم إننى أزعم أننى أكتب عن الكنيسة بنفس المنطق والمنهج والروح التى أتناول بها شأنا يخص الأزهر، أو وزارة الأوقاف المصرية، أو أى جماعات تدعى انها ذات توجه إسلامى، وبالتالى فإن هدفى هو البحث والتحليل لمصلحة المجتمع بأكمله، إضافة بالطبع إلى التزام القوانين والقواعد المهنية ذات الصلة.
الخطأ الكبير الذى يرتكبه أصحاب وجهات النظر السابقة أنهم يعمقون من فكرة عزل الكنيسة والأخوة المسيحيين أجمعين فى جيتو بعيدا عن كل الوطن وقضاياه.
أنور السادات وحسنى مبارك استراحا لهذا التوجه، وخلاصته أن على بابا المسيحيين أن يتولى بمفرده قيادة الطائفة المسيحية بعيدا عن الوطن وقضاياه، على أن يضمن هذا البابا ولاء الطائفة للنظام السياسى. هذه الصيغة ظلت تعمل بكفاءة إلى حد كبير زمن البابا شنودة «١٩٧١ ــ ٢٠١٢» لكنها تعرضت للضعضعة، بقيام ثورة يناير ٢٠١١، والمشاركة الواسعة لقطاعات جماهيرية مسيحية فيها، اكتشفت أن المشكلات التى يعانى منها الأقباط فى مصر، مرتبطة بإصلاح المجتمع بأكمله فى اتجاه ديمقراطى حداثى تنويرى، وأنه لا ينبغى أن يستمر حبس الأقباط فى قفص يمسك بمفتاحه البابا فقط تحت رقابة النظام السياسى.
بعض الإخوة الأقباط ما تزال لديهم حساسية من مناقشة قضاياهم الخاصة، علنا، ويعتبرون ذلك ماسا بهم بل وبعقيدتهم أحيانا. فى حين أن الرؤية المنصفة تقول إنه ينبغى أن يتم مناقشة كل القضايا وبصورة علنية لا فرق فى ذلك بين ما يسمى قضايا إسلامية أو مسيحية فكلها قضايا المصريين، طالما انها بعيدة عن المعتقدات.
القاعدة المنطقية البسيطة تقول إنه حينما يكون هناك راهب فاسد داخل إحدى الكنائس أو الأديرة، فهذا لا يؤثر من بعيد أو قريب فى الديانة المسيحية، مثلما أن فساد شيخ فى الأزهر لا يسىء إلى الديانة الإسلامية. وبالتالى فمن حق الجميع مناقشة كل القضايا بصورة حرة وشفافة وفى إطار قواعد المهنة وقوانينها ومواثيق الشرف المهنية أيضا. الراهب أو الشيخ له وظيفة دينية، لكنه مواطن أولا وأخيرا ويتم معاملته بهذه الصفة طالما ان الامر ليس خاصا بعقيدته، أو معتقداته.
جريمة مقتل الأنبا أبيفانيوس كشفت عن بعض جوانب الخلل فى أحد الأديرة فقط، لكنها لا تسىء من بعيد أو قريب للإخوة المسيحيين وديانتهم، مثلما أن الجرائم التى يرتكبها بعض المسلمين فى تنظيمات متطرفة، لا تسىء إلى الإسلام.
وإلى أن تتضح جميع ملابسات الحادث، فأظن أن الفرصة قد حانت أمام البابا تواضروس لإعادة تنظيم ما لم يكن مرتبا فى الماضى، وإنهاء جيوب التمرد فى هذا الدير أو تلك الكنيسة. ويبقى السؤال حول إمكانية تحقيق ذلك والوقت الذى يفترض أن يستغرقه، وحجم المقاومة الموجودة.

نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يحق له الكتابة فى الشأن المسيحى من يحق له الكتابة فى الشأن المسيحى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon