توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هامش حرية للأحزاب أهم من الدمج

  مصر اليوم -

هامش حرية للأحزاب أهم من الدمج

بقلم : عماد الدين حسين

 مرة أخرى.. أن يكون لدينا عدد أقل من الأحزاب، لكنها أكثر تأثيرا وجماهيرية، أمرا مهما ومطلوبا، لكن السؤال فى الحالة المصرية: هل يتم ذلك بالدمج، أم يفترض أن نبحث فى كيفية زيادة فاعلية هذه الأحزاب، لتصبح أحزابا بجد، وليست مجرد ديكور؟!.

الذين يطالبون بدمج الأحزاب الصغيرة فى أحزاب أكبر، لا يمكن لومهم، فهم يتحدثون بمنطق، لكن يغلب عليه «حسن النية».

مرة اخرى ولسوء الحظ فإن المشكلة الحزبية ليست ناتجة من كثرتها، بل من غياب فاعليتها وهشاشتها وانعدام جماهيريتها.

أكثر من ٩٥٪ من الأحزاب المصرية أنبوبية وكرتونية وهامشية وعائلية، واصطنعتها الحكومات المتعاقبة منذ بدء المنابر الثلاثة داخل الاتحاد الاشتراكى عام ١٩٧٦.

كان الهدف وقتها صناعة ديكور جميل، لكى يكون هناك انفتاح سياسى شكلى يتواكب مع الانفتاح الاقتصادى الشكلى أيضا أو «السداح مداح»، الذى ابتدعه أنور السادات، بعد أن انفتح على «الغرب الرأسمالى» وهجر «الشرق الاشتراكى». غالبية الحكومات منذ هذا الوقت حاصرت الأحزاب المدنية، ومنعت تطورها الطبيعى، وكانت النتيجة الكارثية أننا استيقظنا على كابوس الأحزاب الدينية المتطرفة التى استولت فى «غمضة عين» على مجلس الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية وسائر النقابات المهنية والجمعيات الخيرية، بل وبعض الأندية الرياضية.

لم يكن الأمر فقط حصار الحكومات، بل فشل غالبية هذه الأحزاب فى التواصل مع الناس على أرض الواقع، والنتيجة هى هذا الشلل والعقم غير المسبوق للأحزاب المدنية.

إذًا الحل الحقيقى هو إتاحة هامش حقيقى من الحرية أمام الأحزاب المدنية الجادة، لكى تنمو وتكبر وتتطور، وتغرس جذورها فى هذه التربة شديدة الهشاشة.

ويصاحب ذلك وجود إيمان حقيقى من الدولة والنظام والحكومة بأهمية وجود حياة حزبية جادة، تتبنى أفكارا وبرامج ورؤى مختلفة ومتعارضة، طالما أنها التزمت بالقانون والدستور.

لكن قبل ذلك، لابد من وجود كوادر حزبية مؤهلة، تستطيع تقديم نماذج ملهمة للجماهير، كى تلتحق بعضوية هذه الأحزاب اقتناعا ببرامجها المتنوعة، وليس لتحقيق مصالح آنية سريعة مثل الحصول على وظيفة أو رخصة فرن أو مستودع غاز أو حتى الهرب من كمين!. من دون هذه الشروط الأساسية، فلن تكون هناك حياة حزبية، حتى لو أصدرنا قرارات بدمج الأحزاب كلها فى حزبين اثنين فقط!

بجانب ذلك، فإن الذين طرحوا فكرة الدمج نسوا عاملا مهما، وهو «الشخصانية»، التى تميز الحياة الحزبية المصرية. يعتقد كل واحد من غالبية رؤساء الأحزاب أنه جواهر لال نهرو وأنديرا غاندى، أو تشرشل ومارجريت تاتشر أو هيلموت كول وأنجيلا ميركل معا! رغم أن معظمهم، لم يتدرج فى أى عمل سياسى حقيقى، بل التحق بالأحزاب بمنطق المصادفة أو «السبوبة»!

وبالتالى، فكيف سيتم إقناع كل هؤلاء «الزعماء» بأن يندمجوا فى حزب أو اثنين أو ثلاثة؟!.

هم أساسا، كوَّنوا أحزابهم الكرتونية، لتفجير الحياة الحزبية سواء قبل يناير ٢٠١١ أو بعدها، وبالتالى، سيصبح من قبيل تضييع الوقت الرهان عليهم فى عمليات الدمج، أولًا لأنهم بلا قواعد جماهيرية، وثانيا لأن كلا منهم يعتقد أنه «الرجل الأول» والزعيم المفدَّى!!.

سمعت بعض هؤلاء يقول قبل أيام: إنه يؤيد الدمج، لكنه لم يخبرنا ما هو وزنه وتأثيره الذى سيدخل به عملية الدمج؟!

تقديرى الشخصى أن الحكومة تصنع خيرا، إذا سمحت بهامش حقيقى للأحزاب كى تتحرك، وأسارع للقول بأن ذلك لا ينطبق بأى حال من الأحوال على أى حزب دينى أو يتاجر بالدين أو يدعم العنف والإرهاب، أو يرفض القانون والدستور والدولة المدنية.

إذا سمحت الحكومة بالحد الأدنى من الحرية، وشجعت الأحزاب المدنية، فسوف تستطيع هذه الأحزاب، النزول للشارع والتحرك فيه بحرية، ومناقشة المواطنين فى القضايا الحياتية المختلفة، وتقديم رؤى ووجهات نظر مختلفة، يمكنها أن تساعد الحكومة فى معالجة السلبيات.

نعرف وندرك أنه لن تكون هناك تعددية وديمقراطية على الطريقة الغربية فى المدى المنظور، لكن على الأقل ستحسن الحكومة صنعا إذا بدأت فى تشجيع ودعم الأحزاب الجادة، وسن قوانين تقضى على «الآفات الحزبية الصغيرة»، بحيث نبدأ السير من الآن فى الطريق الديمقراطى الطويل حتى لو بدأنا من «كى جى 1».
المهم أن نبدأ، البداية الصحيحة.

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هامش حرية للأحزاب أهم من الدمج هامش حرية للأحزاب أهم من الدمج



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon