بقلم - عماد الدين حسين
لماذا أصيب غالبية الصحفيين والإعلاميين بالرعب والهلع بعد مطالعتهم للائحة الجزاءات،التى اقترحها المجلس الأعلى للإعلام، بحق وسائل الإعلام التى ترتكب مخالفات؟!
الاجابة ببساطة لان اللائحة تعطى صلاحيات وسلطات هتلرية موسولينية صدامية داعشية للمجلس الأعلى للإعلام، بحيث إنه يستطيع أن يغلقها فى أى لحظة، سواء بالغرامات الكبيرة، أو التعطيل الفعلى.
سأعرض فى عجالة لمواد اللائحة وعددها ١٨ مادة، قبل أن أعود لاحقا إن شاء الله للتعليق عليها بالتفصيل.
فى المادة الأولى لا خلاف على ضرورة عدم نشر صور الأطفال أثناء التحقيق أو محاكمتهم جنائيا، ولا خلاف على تقديم اعتذار أو توجيه اللوم ولفت النظر، لكن أن تصل غرامة ذلك لربع مليون جنيه فهذا مغالاة واضحة.
تعطى المادة الثانية: تعاقب من يخالف ميثاق الشرف الصحفى أو المعايير والأكواد المكتوبة بستة جزاءات تبدأ من التأنيب ولفت النظر ثم الإنذار والغرامة، مع مليون جنيه ثم منع نشر أو بث الوسيلة الإعلامية لفترة محددة، وأخيرا مضاعفة الجزاء حال تكرار المخالفة. ومشكلة هذه المادة وغيرها هى العمومية والمطاطية، لأن جزءا كبيرا من ميثاق الشرف الصحفى تقديرى ونسبى.
المادة الثالثة تجازى كل من سب الشعب أو فئة منه بنفس عقوبات المادة السابقة، لكن فى البند الخامس منها تعطى المجلس الأعلى سلطة حجب المواقع الإلكترونية الشخصية التى يزيد عدد متابعيها عن خمسة آلاف لفترة محددة أو دائمة. وهنا أيضا لا نعرف هل هناك نص واضح ومحكم لكيفية إثبات تهمة سب الشعب أو إهانته؟!
فى المادة الرابعة: يجوز للمجلس الأعلى منع ظهور الصحفى أو الإعلامى أو أحد الضيوف لفترة محددة لمخالفة ميثاق الشرف الصحفى، أو لارتكاب جريمة جنائية، ولا خلاف على هذه المادة، لكن إضافة تهمة «الحفاظ على مقتضيات الأمن القومى» مطاطة وتحتاج لإعادة نظر.
المادة الخامسة تجازى من يخالف قواعد التغطية الإعلامية للعمليات الحربية أو الأمنية أو الحوادث الإرهابية، بمنع النشر أو البث أو الحجب المؤقت، ويجوز منع البث للوسيلة كلها حال جسامة المخالفة. وبالطبع لا يوجد عاقل يختلف على ضرورة مراعاة مقتضيات الأمن القومى، لكن من الذى يحدد هذه المقتضيات بصورة واضحة ومحددة؟!
المادة السادسة تجازى كل من استخدم أو سمح باستخدام ألفاظ واضحة وصريحة قد تشكل جريمة سب أو قذف بحق أفراد أو مؤسسات بستة بنود من العقوبات تشمل الاعتذار والتأنيب ولفت النظر والإنذار وربع مليون جنيه غرامة، ثم منع البث أو الحجب. شخصيا أتمنى أن تكون هناك آلية واضحة لمعاقبة كل من جعل السب والشتم سمة دائمة، لكن التوسع فى مسألة الحجب أمر يحتاج إلى نظر.
أتفق مع المادة السابعة تماما، وتنص على مجازاة الوسيلة باللوم ولفت النظر حال سماحها باستضافة شخصيات يتم تقديمهم للجمهور على خلاف الحقيقة.
المادة الثامنة تنظم التظلمات من الجزاءات وهناك غموض فى تشكيلها.
المادة العاشرة تعاقب من يخوض فى الأعراض أو التشكيك فى الذمم المالية دون دليل أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة بربع مليون جنيه غرامة ومنع النشر أو البث المؤقت.
المادة التاسعة تحيل الإعلاميين والصحفيين المخالفين فى المادة العاشرة لنقاباتهم للمساءلة التأديبية، وكان يمكن الاكتفاء بهذه العقوبة الداخلية شرط أن تكون رادعة.
المادة رقم (١١) ترفع الغرامة إلى نصف مليون جنيه وتمنع نشر أو بث أو حجب الوسيلة إذا تم استخدام عبارات أو مشاهد تدعو للتحريض على العنف أو الحض على الكراهية أو التمييز أو الطائفية أو العنصرية، وشخصيا أطالب بتشديد العقوبات على التهم السابقة، لكن أن تمتد إلى عبارات فضفاضة، فهذا أمر مطاط.
المادة (١٢) تعطى المجلس الحق فى منع نشر وبث مواد إعلانية مخالفة للقوانين واللوائح لفترة محددة، واتفق معها تماما.
فى المادة (١٤) لا توجد مشكلة لأنها تنظم حق الرد.
المادة (١٥) تنظم تقديم التظلمات من الجزاءات خلال ١٥ يوما من صدورها.
والمادة (١٦) تقول إنه «تؤخذ هذه الجزاءات فى الاعتبار عند النظر فى تجديد الرخص» وهو ما يعنى أن مجمل اللائحة سيف مسلط على رقاب المؤسسات الإعلامية.
المادة (١٧) تعطى رئيس المجلس الأعلى «لاعتبارات يقدرها» الإعفاء من الجزاء الموقع أو جزء منه. وهو أمر خطير لأنه يعنى نظريا توقيع العقوبات على أشخاص دون آخرين.
المادة (١٨) كوميدية، وتقول: «ينظم المجلس الأعلى مسابقة سنوية لأحسن تحقيق صحفى أو إعلامى بجائزة قيمة، وأحسن قناة!».
أتمنى من كل قلبى ان يعيد المجلس الاعلى النظر فى غالبية مواد اللائحة من اجل المهنة ومستقبلها.
نقلًا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع